السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ} (263)

{ قول معروف } أي : كلام حسن وردّ على السائل جميل ، لأنّ القول الجميل وإن كان يردّ السائل يفرح قلبه ، ويروح روحه وقيل : عدة حسنة { ومغفرة } أي : بأن يستر عليه خلته ولا يهتك ستره ، ويتجاوز عنه إذا وجد منه ما ينقل عليه عند ردّه { خير من صدقة } يدفعها إليه { يتبعها أذى } أي : منّ وتعيير السائل أو قول يؤذيه .

إن قيل : لِمَ لم يعد ذكر المنّ فيقول : يتبعها منّ أو أذى ؟ أجيب : بأنّ الأذى يشمل المنّ وغيره ، كما تقرّر وإنما نصّ عليه فيما مرّ لكثرة وقوعه من المتصدّقين ، وعسر تحفظهم منه ، ولذلك قدّم على الأذى قال بعضهم : الآية واردة في صدقة التطوّع ؛ لأنّ الواجب لا يحل منعه ويحتمل أن يراد بها الواجب ، فإنه قد يعدل به عن سائل إلى سائل ، وعن نفر ، إلى نفر وإنما صحّ الابتداء بالنكرة وهي قول لاختصاصها بالصفة وهي معروف ، وأمّا المعطوف وهو مغفرة فلا يحتاج إلى مخصص لتبعيتها { والله غنيّ } عن صدقة العباد ، وإنما أمرهم ليثيبهم عليها { حليم } بتأخير العقوبة عن المانّ والمؤذي بصدقته .