إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ} (263)

{ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ } أي كلام جميل تقبله القلوبُ ولا تُنكِره يُرد به السائلُ من غير إعطاء شيءٍ { وَمَغْفِرَةٌ } أي سَترٌ لما وقع من السائل من الإلحاف في المسألة وغيره مما يَثقُل على المسؤول وصفحٌ عنه . وإنما صح الابتداءُ بالنكرة في الأول لاختصاصها بالوصف وفي الثاني بالعطف أو بالصفة المقدرة أي ومغفرة كائنة من المسؤول { خَيْرٌ } أي للسائل { من صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى } لكونها مشوبةً بضررِ ما يتبعها وخلوصِ الأولَيْن من الضرر ، والجملة مستأنفةٌ مقرِّرة لاعتبار ترك إتباعِ المن والأذى ، وتفسيرُ المغفرة بنيل مغفرةٍ من الله تعالى بسبب الرد الجميل أو بعفو السائل بناءً على اعتبار الخيرية بالنسبة إلى المسؤول يؤدّي إلى أن يكون في الصدقة الموصوفةِ بالنسبة إليه خيرٌ في الجملة مع بطلانها بالمرة { والله غَنِي } لا يُحوِجُ الفقراءَ إلى تحمل مؤنةِ المنِّ والأذى ويرزقُهم من جهةٍ أخرى { حَلِيمٌ } لا يعاجل أصحابَ المن والأذى بالعقوبة لا أنهم لا يستحقونها بسببهما ، والجملةُ تذييلٌ لما قبلها مشتمِلٌ على الوعد والوعيد مقرِّرٌ لاعتبار الخيرية بالنسبة إلى السائل قطعاً .