تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ} (263)

الآية 263 وقوله تعالى : { قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى } قيل : { قول حسن } كلام حسن ؛ يدعو الرجل لأخيه بظهر الغيب ، وقيل : { قول معروف } يستغفر الله بذنوبه في السر { ومغفرة } له يغفر له ، ويتجاوز عن مظلمته ، وقيل : { قول معروف } الأمر بالمعروف { خير } ثوابا عند الله { من صدقة } فيها أذى ومن . فإن قيل : كيف جمع بين قول المعروف والمغفرة وبين الأذى والمن ، فقال : { خير من } كذا ، وأحدهما خير ، والآخر شر ، وإنما يفعل هذا إن كانا{[3300]} جميعا خيرين ؟ فيقال : أيهما أخير ؟ قيل : معناه ، والله أعلم ، هذا خير لكم من ذلك ، وهو كقوله : { قل ما عند الله من خير من اللهو ومن التجارة } [ الجمعة : 11 ] في دنياكم ، وإن لم يكن اللهو والتجارة من جنس ما عند الله . فعلى ذلك الأول . ويحتمل أن تكون الآية على الابتداء لا على الجمع ؛ هذا خير ، وهذا شر .

قال الشيخ ، رحمه الله تعالى : ووجه ذلك أن الصدقة قربة ، وهي خير ، فإذا أتبعها الأذى أبطلها ، فيكون { قول معروف } أي رد جميل للسائل خير من إجابة في البذل ثم الرد بالأذى لأن هذا يبقى ، وإن كان لا ينتفع{[3301]} به الآخر ، والصدقة لا ، وإن كان ينتفع{[3302]} بها الفقير ، والله أعلم . [ وقال بعضهم : المن والأذى أن يقول للسائل : خذه ، لا بارك الله فيه لك ]{[3303]} .

وقوله تعالى : { والله غني } عن صدقاتكم { حليم } لا يعجل /48-ب/ بالعقوبة عليكم بالمن والأذى .


[3300]:في النسخ الثلاث: كان.
[3301]:من ط ع، في الأصل وم: ينقطع.
[3302]:أدرج قبلها في الأصل: لا.
[3303]:من ط ع، وادرجت في الأصل وم بعد: لا يجعل.. والأذى.