تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا} (107)

{ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ } " الاختيان " و " الخيانة " بمعنى الجناية والظلم والإثم ، وهذا يشمل النهي عن المجادلة ، عن من أذنب وتوجه عليه عقوبة من حد أو تعزير ، فإنه لا يجادل عنه بدفع ما صدر منه من الخيانة ، أو بدفع ما ترتب على ذلك من العقوبة الشرعية . { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } أي : كثير الخيانة والإثم ، وإذا انتفى الحب ثبت ضده وهو البُغْض ، وهذا كالتعليل ، للنهي المتقدم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا} (107)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ مَن كَانَ خَوّاناً أَثِيماً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : { وَلا تُجادِلْ } يا محمد فتخاصم { عَنِ الّذِينَ يَخْتانُونَ أنْفُسَهُمْ } يعني : يخوّنون أنفسهم ، يجعلونها خونة بخيانتهم ما خانوا من أموال من خانوه ماله وهم بنو أبيرق ، يقول : لا تخاصم عنهم من يطالبهم بحقوقهم ، وما خانوه فيه من أموالهم . { إنّ اللّهَ لا يُحِبّ مَنْ كانَ خَوّانا أثِيما } يقول : إن الله لا يحبّ من كان من صفته خيانة الناس في أموالهم ، وركوب الإثم في ذلك وغيره ، مما حرّمه الله عليه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وقد تقدّم ذكر الرواية عنهم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : { وَلا تُجادلْ عَن الّذِينَ يَخْتانُونَ أنْفُسَهُمْ } قال : اختان رجل عمّا له درعا ، فقذف بها يهوديا كان يغشاهم ، فجادل عمّ الرجل قومه ، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم عذره ، ثم لحق بأرض الشرك ، فنزلت فيه : { وَمَنْ يُشاقِقِ الرّسُولَ مَنْ بَعْدِ ما تَبَيّنَ لَهُ الهُدَى } . . . الاَية .