إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا} (107)

{ وَلاَ تجادل عَنِ الذين يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ } أي يخونونها بالمعصية كقوله تعالى : { عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ } [ البقرة ، الآية 187 ] جُعلت معصيةُ العُصاةِ خيانةً منهم لأنفسهم كما جُعلت ظلماً لها لرجوع ضررِها إليهم ، والمرادُ بالموصول إما طعمةٌ وأمثالُه وأما هو ومن عاونه وشهد ببراءته من قومه فإنهم شركاءُ في الإثم والخيانةِ { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً } مُفرِطاً في الخيانة مُصِراً عليها { أَثِيماً } منهمكاً فيه ، وتعليقُ عدمِ المحبةِ الذي هو كنايةٌ عن البغضِ والسُّخطِ بالمبالِغ في الخيانة والإثمِ ليس لتخصيصه به ، بل لبيان إفراطِ طُعمةَ وقومِه فيهما .