نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا} (107)

ولما نهاه عن الخصام{[22634]} لمطلق الخائن{[22635]} ، وهو من وقعت منه خيانة ما ؛ أتبعه النهي عن المجادلة عمن تعمد الخيانة فقال سبحانه وتعالى : { ولا تجادل } أي في وقت ما { عن الذين يختانون } أي يتجدد منهم تعمد أن يخونوا { أنفسهم } بأن يوقعوها في{[22636]} الهلكة{[22637]} بالعصيان فيما اؤتمنوا{[22638]} عليه من الأمور الخفية ، والتعبير بالجمع - مع أن الذي نزلت فيه الآية واحد - للتعميم وتهديد من أعانه من قومه ، ويجوز أن يكون أشار بصيغة الافتعال إلى{[22639]} أن الخيانة لا تقع{[22640]} إلا مكررة{[22641]} ، فإنه يعزم عليها أولاً ثم يفعلها ، فأدنى لذلك أن يكون قد خان من{[22642]} نفسه مرتين ، قال الإمام ما{[22643]} معناه أن التهديد في هذه الآية عظيم جداً ، وذلك أنه سبحانه وتعالى عاتب خير الخلق عنده وأكرمهم لديه هذه المعاتبة وما فعل {[22644]}إلا الحق{[22645]} في الظاهر ، فكيف بمن يعلم الباطن ويساعد{[22646]} أهل الباطل ؟ فكيف إن كان بغيرهم{[22647]} ؟ ثم أشار سبحانه وتعالى إلى أن{[22648]} من خان غيره كان مبالغاً في الخيانة بالعزم وخيانة الغير المستلزمة لخيانة النفس {[22649]}فلذا{[22650]} ختمت بالتعليل بقوله : { إن الله } أي الجليل العظيم ذا{[22651]} الجلال والإكرام { لا يحب } أي لا يكرم { من كان خواناً أثيماً } بصيغتي{[22652]} المبالغة - على أن مراتب المبالغين في الخيانة متفاوتة ، وفيه مع هذا استعطاف لمن وقعت منه الخيانة مرة واحدة وقدم سبحانه وتعالى ذلك ، لأن فيه دفعاً للضر{[22653]} عن البريء وجلباً للنفع إليه ؛


[22634]:في ظ: الخطام ـ كذا بالطاء.
[22635]:في ظ: الجائزة ـ كذا.
[22636]:سقط من ظ.
[22637]:في ظ: لملكه ـ كذا.
[22638]:في ظ: أثبتوا.
[22639]:من مد، وفي الأصل وظ: إلا.
[22640]:في ظ: لا يقع.
[22641]:في ظ: مكوره، وفي مد: متكررة.
[22642]:سقط من ظ.
[22643]:سقط من ظ.
[22644]:في ظ: بالحق.
[22645]:في ظ: بالحق.
[22646]:من ظ ومد، وفي الأصل: يساعده.
[22647]:في ظ: بقربهم.
[22648]:في ظ: أنه.
[22649]:في ظ: النقص.
[22650]:من مد، وفي الأصل وظ: فكذا.
[22651]:من مد، وفي الأصل وظ: ذو.
[22652]:في ظ: بصيغة.
[22653]:في ظ: للضرر.