البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا} (107)

{ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } هذا عام يندرج فيه أصحاب النازلة ويتقرر به توبيخهم .

واختيان الأنفس هو مما يعود عليها من العقوبة في الآخرة والدنيا ، كما جاء نسبة ظلمهم لأنفسهم .

والنهي عن الشيء لا يقتضي أن يكون المنهى ملابساً للمنهى عنه .

وروى العوفي عن ابن عباس : أن الرسول صلى الله عليه وسلم خاصم عن طعمة ، وقام يعذر خطيباً .

وروى قتادة وابن جبير : أنه همّ بذلك ولم يفعله .

{ إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً } أتى بصيغة المبالغة في الخيانة والإثم ليخرج منه من وقع منه المرة ، ومن صدرت منه الخيانة على سبيل الغفلة وعدم القصد .

وفي صفتي المبالغة دليل على إفراط طعمة في الخيانة وارتكاب المآثم .

وقيل : إذا عثرت من رجل سيئة فاعلم أنّ لها أخوات .

وعن عمر أنه أمر بقطع يد سارق ، فجاءت أمه تبكي وقالت : هذه أوّل سرقة سرقها فاعف عنه فقال : كذبت إنّ الله لا يؤاخذ عبده في أول مرة .

وتقدمت صفة الخيانة على صفة المآثم ، لأنها سبب للإثم خان فأثم ، ولتواخي الفواصل .

/خ113