قوله ( اِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ) الآية [ 105-108 ] .
المعنى : إنا أنزلنا إليك يا محمد القرآن ( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ) أي : بما أنزلنا إليك من كتابه ( وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً ) أي : لا تكن لمن خان مسلماً أو معاهداً خصيماً .
وقد كثرت( {[13492]} ) الروايات في السبب التي نزلت فيه هذه الآية . غير أنها ، وإن اختلفت ألفاظها ترجع إلى معنى واحد .
واختصار القصة أن رجلاً من الأنصار اسمه : طعمة بن أبيرق( {[13493]} ) وكان منافقاً ، سرق درعاً لعمة كانت عنده وديعة ، فلما أن خاف أن يعرف فيه( {[13494]} ) قذفها على يهودي ، وأخبر بني عمه بذلك فجاء اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بالدرع ، وقال : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ولكن طرحت علي ، فلما رأوا( {[13495]} ) ذلك بنو عم طعمة جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرئوا( {[13496]} ) صاحبهم من الدرع ، ويسألونه أن يبرئه منها ، فهم( {[13497]} ) رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبرئه من السرقة حتى نزل ( وَلاَ تُجَادِلْ عَنٍ الذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمُ ) يريد طعمة وبني عمه( {[13498]} ) .
وقيل( {[13499]} ) : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برأه بقولهم على رؤوس الناس .
فقال الله عز وجل : ( اسْتَغْفِرِ اللَّهَ ) أي : مما هممت به ، ومما فعلته ( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمُ ) يريد طعمة ومن أعانه وهو يعلم بسرقته .
وقال السدي : بل الخيانة التي ذكرها الله عز وجل هي وديعة كان قد استودعها يهودي عند طعمة بن أبيرق وهي درع ، فأخفاها طعمة ، وجحدها ، ثم رماها في دار رجل آخر من اليهود . فأتى اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنها( {[13500]} ) رميت في داره( {[13501]} ) .
وروي أن طعمة قال لليهودي( {[13502]} ) صاحب الدرع : إنك إنما استودعت درعك عند فلان ، وأنا أشهد لك عليه ، ثم ألقى طعمة الدرع في دار ذلك الرجل الذي يريد أن يشهد عليه فجادل الأنصار عن طعمة أنه لم يفعل شيئاً ، وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، جادل عن طعمة وأكذب اليهودي ، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل فأنزل الله عز وجل ( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمُ ) إلى رأس ثلاث آيات .
ولما نزل القرآن في طعمة لحق بقريش وارتد ، ثم عاد ، إلى مشربة( {[13503]} ) الحجاج( {[13504]} ) حليف لبني عبد الدار( {[13505]} ) فنقبها فسقط عليه حجر ، فوحل لحمه ، فلما أصبح أخرجوه ، ونفوه من مكة فخرج فلقي ركباً فعرض لهم ، وقال : ابن سبيل منقطع به ، فحملوه حتى إذا جن الليل عدا عليهم ، فسرقهم ، ثم انطلق ، فخرجوا في طلبه فأدركوه فقذفوه بالحجارة حتى مات( {[13506]} ) .
قال ابن جريج : فهذه الآيات كلها فيه نزلت .
ومعنى : ( يَخْتَانُونَ( {[13507]} ) أَنْفُسَهُمُ ) أي : يُخوِّنونها ، أي : يجعلونها خونة أي : يلزمون الخيانة .
( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً اَثِيماً ) أي : لا يحب من كانت هذه صفته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.