{ وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ } أي : لم تكن متحريا لنزول هذا الكتاب عليك ، ولا مستعدا له ، ولا متصديا . { إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ } بك وبالعباد ، فأرسلك بهذا الكتاب ، الذي رحم به العالمين ، وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون ، وزكاهم وعلمهم الكتاب والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ، فإذا علمت أنه أنزل إليك رحمة منه ، [ علمت ] أن جميع ما أمر به ونهى عنه ، فإنه رحمة وفضل من اللّه ، فلا يكن في صدرك حرج من شيء منه ، وتظن أن مخالفه أصلح وأنفع .
{ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ } أي : معينا لهم على ما هو من شعب كفرهم ، ومن جملة مظاهرتهم ، أن يقال في شيء منه ، إنه خلاف الحكمة والمصلحة والمنفعة .
ثم ذكره - سبحانه - بنعمة اختصاصه بالنبوة وحمل الرسالة ، فقال : { وَمَا كُنتَ ترجوا أَن يلقى إِلَيْكَ الكتاب إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } .
أى : وما كنت - أيها الرسول الكريم - قبل وحينا إليك بالرسالة ، تتوقع أو تظن أننا سنكلفك بها ، لكننا كلفناك بها وشرفناك بحملها رحمة منها بالناس فأنت الرحمة المهداة والنعمة المسداة إليهم ، لإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان .
وما دام الأمر كذلك ، فأكثر من شكر الله –تعالى- وامض في طريقك فلا تكونن { ظهيرا } أي : معينا ونصيرا { للكفرين } .
ثم قال تعالى مذكِّرًا لنبيه نعمته العظيمة عليه وعلى العباد إذ أرسله إليهم : { وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ } أي : ما كنت تظن قبل إنزال الوحي{[22468]} إليك أن الوحي ينزل عليك ، { إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ } أي : إنما نزل{[22469]} الوحي عليك من الله من رحمته بك وبالعباد بسببك ، فإذا منحك بهذه النعمة العظيمة { فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا } أي : معينًا { لِلْكَافِرِينَ } [ أي ]{[22470]} : ولكن فارقهم ونابذهم وخالفهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا كُنتَ تَرْجُوَ أَن يُلْقَىَ إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاّ رَحْمَةً مّن رّبّكَ فَلاَ تَكُونَنّ ظَهيراً لّلْكَافِرِينَ } .
يقول تعالى ذكره : وما كنت ترجو يا محمد أن ينزل عليك هذا القرآن ، فتعلم الأنباء والأخبار عن الماضين قبلك ، والحادثة بعدك ، مما لم يكن بعدُ ، مما لم تشهده ولا تشهده ، ثم تتلو ذلك على قومك من قريش ، إلاّ أن ربك رحمك ، فأنزله عليك ، فقوله : إلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبّكَ استثناء منقطع .
وقوله : فَلا تَكُونَنّ ظَهِيرا للْكافِرِينَ يقول : فاحمَدْ ربك على ما أنعم به عليك من رحمته إياك ، بإنزاله عليك هذا الكتاب ، ولا تكوننّ عونا لمن كفر بربك على كفره به . وقيل : إن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم ، وإن معنى اللام : إن الذي فرض عليك القرآن ، فأنزله عليك ، وما كنت ترجو أن ينزل عليك ، فتكون نبيا قبلَ ذلك ، لرادّك إلى مَعاد .
وكذا قوله : { وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب } أي سيردك إلى معادك كما ألقى إليك الكتاب وما كنت ترجوه . { إلا رحمة من ربك } ولكن ألقاه رحمة منه ، ويجوز أن يكون استثناء محمولا على المعنى كأنه قال : وما ألقى إليك الكتاب إلا رحمة . { فلا تكونن ظهيرا للكافرين } بمدارتهم والتحمل عنهم والإجابة إلى طلبتهم .
قال بعض المفسرين : قوله تعالى : { وما كنت ترجو } الآية ابتداء كلام مضمنه تعديد النعمة على محمد صلى الله عليه وسلم وأن الله تعالى رحمه رحمة لم يحتسبها ولا بلغها أمله ، وقال بعضهم بل هو متعلق بقوله تعالى { إن الذي فرض عليك القرآن } [ القصص : 85 ] أي وأنت بحال من لا يرجو ذلك ، وقوله تعالى : { يلقى إليك } عبارة عن تقليده النبوءة وتبليغ القرآ ، . كما تقول : ألقى فلان إلى فلان بالرياسة ونحو هذا ، وقوله تعالى : { إلا رحمة } نصب على استثناء منقطع ، و «الظهير » المعين أي اشتد يا محمد في تبليغك ولا تلن ولا تفشل فتكون معونة للكافرين بهذا الوجه أي بالفتور عنهم .
{ وَمَا كُنتَ ترجوا أَن يلقى إِلَيْكَ الكتاب إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } .
عطف على جملة : { إن الذي فرض عليك القرآن } [ القصص : 85 ] الخ باعتبار ما تضمنته من الوعد بالثواب الجزيل أو بالنصر المبين ، أي كما حملك تبليغ القرآن فكان ذلك علامة على أنه أعد لك الجزاء بالنصر في الدنيا والآخرة . كذلك إعطاؤه إياك الكتاب عن غير ترقب منك بل بمحض رحمة ربك ، أي هو كذلك في أنه علامة لك على أن الله لا يترك نصرك على أعدائك فإنه ما اختارك لذلك إلا لأنه أعد لك نصراً مبيناً وثواباً جزيلاً .
وهذا أيضاً من دلالة الجملة على معنى غير مصرح به بل على معنى تعريضي بدلالة موقع الجملة .
وإلقاءُ الكتاب إليه وحيه به إليه . أطلق عليه اسم الإلقاء على وجه الاستعارة كما تقدم في قوله تعالى : { فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذ السلم } في سورة [ النحل : 86 - 87 ] .
والاستثناء في { إلا رحمة من ربك } استثناء منقطع لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخامر نفسه رجاء أن يبعثه الله بكتاب من عنده بل كان ذلك مجرد رحمة من الله تعالى به واصطفاء له .
{ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً للكافرين }
تفريع على جملة { إن الذي فرض عليك القرآن } [ القصص : 85 ] وما عطف عليها وما تخلل بينهما مما اقتضى جميعه الوعد بنصره وظهور أمره وفوزه في الدنيا والآخرة ، وأنه جاء من الله إلى قوم هم في ضلال مبين ، وأن الذي رحمه فآتاه الكتاب على غير ترقب منه لا يجعل أمره سُدًى فأُعقب ذلك بتحذيره من أدنى مظاهرة للمشركين فإن فعل الكون لما وقع في سياق النهي وكان سياق النهي مثل سياق النفي لأن النهي أخو النفي في سائر تصاريف الكلام كان وقوع فعل الكون في سياقه مفيداً تعميم النهي عن كل كون من أكوان المظاهرة للمشركين .
والظهير : المعين . والمظاهرة : المعاونة ، وهي مراتب أعلاها النصرة وأدناها المصانعة والتسامح ، لأن في المصانعة على المرغوب إعانة لراغبه . فلما شمل النهي جميع أكوان المظاهرة لهم اقتضى النهي عن مصانعتهم والتسامح معهم ، وهو يستلزم الأمر بضد المظاهرة فيكون كناية عن الأمر بالغلظة عليهم كصريح قوله تعالى { واغلُظْ عليهم } [ التوبة : 73 ] . وهذا المعنى يناسب كون هذه الآيات آخر ما نزل قبل الهجرة وبعد متاركته المشركين ومغادرته البلد الذي يعمرونه .
وقيل النهي للتهييج لإثارة غضب النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وتقوية داعي شدته معهم . ووجه تأويل النهي بصرْفِه عن ظاهره أو عن بعض ظاهره هو أن المنهي عنه لا يُفرض وقوعه من الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يُنهى عنه فكان ذلك قرينة على أنه مُؤوّل .
وتوجيه النهي إليه عن أن يصدوه عن آيات الله في قوله { ولا يصدّنّك عن آيات الله } كناية عن نهيه عن أن يتقبل منهم ما فيه صد عن آيات الله كما يقول العرب : لا أعرفنّك تفعل كذا ، كنوا به عن : أنه لا يفعله . فيعرف المتكلم الناهي فعله . والمقصود : تحذير المسلمين من الركون إلى الكافرين في شيء من شؤون الإسلام فإن المشركين يحاولون صرف المسلمين عن سماع القرآن { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوْا فيه لعلكم تغلبون } [ فصلت : 26 ] .
وقيل هو للتهييج أيضاً ، وتأويل هذا النهي آكد من تأويل قوله { فلا تكونن ظهيراً للكافرين } .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وما كنت ترجو} يا محمد {أن يلقى إليك الكتاب} يعني: أن ينزل عليك القرآن، يذكِّره النعم، وقال: ما كان الكتاب {إلا رحمة} يعني عز وجل نعمة {من ربك} اختصصت بها يا محمد... فقال: {فلا تكونن ظهيرا} يعني: معينا {للكافرين} على دينهم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وما كنت ترجو يا محمد أن ينزل عليك هذا القرآن، فتعلم الأنباء والأخبار عن الماضين قبلك، والحادثة بعدك، مما لم يكن بعدُ، مما لم تشهده ولا تشهده، ثم تتلو ذلك على قومك من قريش، إلاّ أن ربك رحمك، فأنزله عليك...
وقوله:"فَلا تَكُونَنّ ظَهِيرا للْكافِرِينَ" يقول: فاحمَدْ ربك على ما أنعم به عليك من رحمته إياك، بإنزاله عليك هذا الكتاب، ولا تكوننّ عونا لمن كفر بربك على كفره به. وقيل: إن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وإن معنى اللام: إن الذي فرض عليك القرآن، فأنزله عليك، وما كنت ترجو أن ينزل عليك، فتكون نبيا قبلَ ذلك، لرادّك إلى مَعاد.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... وقوله تعالى: {فلا تكونن ظهيرا للكافرين} هذا يخرج على وجوه: أحدها: على النهي، أي لا تكن ظهيرا، وإن كان لا يكون ذلك النهي، للعصمة التي عصمه الله بها، لأن العصمة لا تمنع النهي والأمر. بل منفعة العصمة إنما تكون عند النهي والأمر. والثاني: على الأمن له و الإياس أن يكون ظهيرا لهم، كأنه يخاف لعله أن يكون ظهيرا لهم في وقت من الأوقات، فأمنه الله من ذلك، فقال: لا تخف، فإنك لا تكون ظهيرا لهم، وهو ما ذكرنا في قوله: {ولا تحزن عليهم} [النحل: 127 والنمل: 70] وقوله: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} [فاطر: 8] على رفع الحزن والحسرة بتركهم الإيمان. فعلى ذلك الأول. والثالث: إن الخطاب، وإن كان له في الظاهر، فالمراد منه غيره على ما ذكرنا في غير آية من القرآن أنه خاطب به رسوله، والمراد به غيره.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فإن قلت: قوله: {إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} ما وجه الاستثناء فيه؟ قلت: هذا كلام محمول على المعنى، كأنه قيل: وما ألقى عليك الكتاب إلا رحمة من ربك.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و «الظهير» المعين أي اشتد يا محمد في تبليغك ولا تلن ولا تفشل فتكون معونة للكافرين بهذا الوجه أي بالفتور عنهم.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب} أي سيردك إلى معادك كما ألقى إليك الكتاب وما كنت ترجوه... {فلا تكونن ظهيرا للكافرين} بمداراتهم والتحمل عنهم والإجابة إلى طلبتهم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وهو تقرير قاطع عن عدم تطلع الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى الرسالة؛ إنما هو اختيار الله. والله يخلق ما يشاء ويختار، فذلك الأفق أعلى من أن يفكر فيه بشر قبل أن يختاره الله له ويؤهله ليرقاه. وهو رحمة من الله بنبيه وبالبشرية التي اختاره لهدايتها بهذه الرسالة. رحمة توهب للمختارين لا للمتطلعين. ولقد كان من حوله كثيرون في العرب وفي بني إسرائيل يتطلعون إلى الرسالة المنتظرة في آخر الزمان. ولكن الله -وهو أعلم حيث يجعل رسالته- وقد اختار لها من لم يتطلع إليها ولم يرجها، من دون أولئك الطامعين المتطلعين، حينما علم منه الاستعداد لتلقي ذلك الفيض العظيم. ومن ثم يأمره ربه -بما أنعم عليه بهذا الكتاب- ألا يكون ظهيرا للكافرين؛ ويحذره أن يصدوه عن آيات الله ويمحض له عقيدة التوحيد خالصة في وجه الشرك والمشركين...
إنه الإيقاع الأخير في السورة، يفصل ما بين رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وطريقه وما بين الكفر والشرك وطريقه. ويبين لأتباع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] طريقهم إلى يوم القيامة.. الإيقاع الأخير ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] في طريق هجرته الفاصلة بين عهدين متميزين من عهود التاريخ. (فلا تكونن ظهيرا للكافرين).. فما يمكن أن يكون هناك تناصر أو تعاون بين المؤمنين والكافرين. وطريقاهما مختلفان، ومنهجاهما مختلفان. أولئك حزب الله، وهؤلاء حزب الشيطان. فعلام يتعاونان؟ وفيم يتعاونان؟
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
كما حملك تبليغ القرآن فكان ذلك علامة على أنه أعد لك الجزاء بالنصر في الدنيا والآخرة، كذلك إعطاؤه إياك الكتاب عن غير ترقب منك بل بمحض رحمة ربك، أي هو كذلك في أنه علامة لك على أن الله لا يترك نصرك على أعدائك فإنه ما اختارك لذلك إلا لأنه أعد لك نصراً مبيناً وثواباً جزيلاً...
والظهير: المعين. والمظاهرة: المعاونة، وهي مراتب أعلاها النصرة وأدناها المصانعة والتسامح، لأن في المصانعة على المرغوب إعانة لراغبه. فلما شمل النهي جميع أكوان المظاهرة لهم اقتضى النهي عن مصانعتهم والتسامح معهم، وهو يستلزم الأمر بضد المظاهرة فيكون كناية عن الأمر بالغلظة عليهم كصريح قوله تعالى {واغلُظْ عليهم} [التوبة: 73]. وهذا المعنى يناسب كون هذه الآيات آخر ما نزل قبل الهجرة وبعد متاركته المشركين ومغادرته البلد الذي يعمرونه...
وقيل النهي للتهييج لإثارة غضب النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وتقوية داعي شدته معهم. ووجه تأويل النهي بصرْفِه عن ظاهره أو عن بعض ظاهره هو أن المنهي عنه لا يُفرض وقوعه من الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يُنهى عنه فكان ذلك قرينة على أنه مُؤوّل.
يعني: إذا كنت تتعجب، أو تستبعد أن نردك إلى بلدك؛ لأن الكفار يقفون لك بالمرصاد، حتى أصبحت لا تصدق أن تعود إليها، فانظر إلى أصل الرسالة معك: هل كنت تفكر أو يتسامى طموحك إلى أن تكون رسولا؟ إنه أمر لم يكن في بالك، ومع ذلك أعطاك الله إياه واختارك له، فالذي أعطاك الرسالة ولم تكن في بالك كيف يحرمك من أمر أنت تحبه وتشتاق إليه؟ إذن: تقوم هذه الآية مقام الدليل والبرهان على صدق {لرادك إلى معاد} وفي موضع آخر يؤكد الحق سبحانه هذا المعنى، فيقول سبحانه: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء.. 52} [الشورى] فالذي أعطاك الرسالة لا يعجز أن يحقق لك ما تريد.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ} لأنهم لن يحقِّقوا للحياة إلا الضلال والسقوط، في ما يفكرون به، ويتحركون في دائرته، من كفر وفساد وانحراف وابتعادٍ عن خط الله الذي أراد للناس أن يسيروا عليه، ما يجعل الانتصار لهم أساساً لانتصار القيم الفاسدة والاتجاهات المنحرفة. من هنا، فإن من مهمة الأنبياء والمصلحين أن يبتعدوا عن الانتصار لأي موقف كفر، في أيّ موقع كان، وتحت تأثير أيّ عنوانٍ من العناوين العامة والخاصة، لأن نتيجة ذلك هو إضعاف الإسلام في مواقعه وانطلاقاته في حركة الإنسان في الواقع. وهذا ما ينبغي للعاملين في سبيل الله أن ينتبهوا إليه، ليتعاملوا مع الواقع الذي يضغط عليهم للتعاون مع الكافرين بحذر ودقّة، حتى لا يكون التعاون انتصاراً للكفر والكافرين، بل يكون مقتصراً على ما يحقق المصلحة الإسلامية العليا، بمقدار محدّدٍ مدروسٍ في نطاق الخطة العامة، لأن طبيعة الظروف والحاجات الضاغطة قد تضغط على المسلمين في بعض الحالات، ليقدِّموا التنازلات السياسية والفكرية والاقتصادية التي تكون نصراً للكفر ومخططاته على أكثر من صعيد.