تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا كُنتَ تَرۡجُوٓاْ أَن يُلۡقَىٰٓ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبُ إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۖ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرٗا لِّلۡكَٰفِرِينَ} (86)

[ الآية 86 ] وقوله تعالى : { وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة ربك } فهو يخرج على وجهين :

أحدهما : { وما كنت ترجوا } وإن كنت مطيعا أي خاضعا { أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك } أن ينزل عليك [ الكتاب ]{[15617]} وتصير رسولا ، أي لم تكن تطمع ذلك . ولكن بفضه ورحمته جعلك رسولا نبيا .

والثاني : { وما كنت ترجوا } أن تكون في قومك وقبيلتك رسالة فضلا أن ترجو ، وتطمع في نفسك [ لأنه /403- أ/ ليس ]{[15618]} من بني إسرائيل ولا من أهل الكتاب . والرسول من قبل كانت لا تكون إلا في بني إسرائيل . ولكن الله جعل الرسالة في العرب في نفسك برحمته وفضله ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فلا تكونن ظهيرا للكافرين } هذا يخرج على وجوه :

أحدهما : على النهي ، أي لا تكن ظهيرا ، وإن كان لا يكون [ ذلك النهي للعصمة ]{[15619]} التي عصمه الله [ بها ]{[15620]} ، لأن العصمة لا تمنع النهي والأمر . بل منفعة العصمة إنما تكون عند النهي والأمر .

والثاني : على الأمن له و الإياس أن يكون ظهيرا لهم ، كأنه يخاف لعلة أن يكون ظهيرا لهم في وقت من الأوقات ، فأمنه الله من ذلك ، فقال : لا تخف ، فإنك لا تكون ظهيرا لهم ، وهو ما ذكرنا في قوله : { ولا تحزن عليهم } [ النحل : 127 والنمل : 70 ] وقوله : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر : 8 ] على رفع الحزن والحسرة بتركهم الإيمان .

فعلى ذلك الأول .

والثالث : إن الخطاب ، وإن كان له في الظاهر ، فالمراد منه غيره على ما ذكرنا في غير آية{[15621]} من القرآن أنه خاطب به رسوله ، والمراد به غيره .


[15617]:- ساقطة من الأصل وم.
[15618]:- في الأصل وم: لأنهم ليسوا.
[15619]:- من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: العصمة.
[15620]:- ساقطة من الأصل وم.
[15621]:- في الأصل وم: آي