ثم حكى - سبحانه - ما قاله موسى وهارون عندما أمرهما - جل جلاله - بذلك فقال : { قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يطغى }
أى : قال موسى وهارون بعد أن أمرهما ربهما بالذهاب إلى فرعون لتبليغه دعوة الحق : يا ربنا إننا نخاف { أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ } أى يعاجلنا بالعقوبة قبل أن ننتهى من الحديث معه فى الأمر .
يقال : فرط فلان على فلان يفرط إذا عاجله بالعقوبة وأذاه بدون تمهل ، ومنه قولهم : فرس فارط ، أى سابق لغيره من الخيل .
{ أَوْ أَن يطغى } أى يزداد طغيانه ، فيقول فى حقك يا ربنا مالا نريد أن نسمعه ، ويقول فى حقنا ما نحن برءاء منه ، ويفعل معنا ما يؤذينا .
وقد جمع - سبحانه - بين القولين اللذين حكاهما عنهما ، لأن الطغيان اشمل من الإفراط ، إذ الجملة الأولى تدل على الإسراع بالأذى لأول وهلة ، أما الثانية فتشمل الإسراع بالأذى ، وتشمل غيره من ألوان الاعتداء سواء أكان فى الحال أم فى الاستقبال .
وقوله : " قالا رَبّنا إنّنا نَخافُ أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا " يقول تعالى ذكره : قال موسى وهارون : ربنا إننا نخاف فرعون إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا أن ندعوه إليه ، أن يعجل علينا بالعقوبة وهو من قولهم : فرط مني إلى فلان أمر : إذا سبق منه ذلك إليه ، ومنه : فارط القوم ، وهو المتعجل المتقدّم أمامهم إلى الماء أو المنزل كما قال الراجز :
*** قَدْ فَرَط العِلْجُ عَلَيْنا وَعَجِلْ ***
وأما الإفراط : فهو الإسراف والإشطاط والتعدّي . يقال منه : أفرطت في قولك : إذا أسرف فيه وتعدّى . وأما التفريط : فإنه التواني . يقال منه : فرّطت في هذا الأمر حتى فات : إذا توانى فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا " قال : عقوبة منه .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " إنّنا نَخافُ أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أوْ أنْ يَطْغَى " قال : نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أو أمرك ، يفرط ويعجل . وقرأ لا تَخافا إنّني مَعَكُما أسمَعُ وأرَى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.