تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ} (3)

{ ذَلِكَ } الذي زين لهم النفاق { ب } سبب أنهم لا يثبتون على الإيمان .

بل { آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ } بحيث لا يدخلها الخير أبدًا ، { فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ } ما ينفعهم ، ولا يعون ما يعود بمصالحهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ} (3)

واسم الإشارة فى قوله - تعالى - بعد ذلك : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا } يعود إلى ما تقدم ذكره من الكذب ، ومن الصد عن سبيل الله ، ومن قبح الأقوال والأفعال .

أى : ذلك الذى ذكر من حالهم الذى دأبوا عليه من الكذب والخداع والصد عن سبيل الله . . . سببه أنهم { آمَنُواّ } أى : نطقوا بكلمة الإسلام بألسنتهم دون أن يستقر الإيمان فى قلوبهم ، ثم كفروا ، أى : ثم ارتكسوا فى الكفر واستمروا عليه ، وظهر منهم ما يدل على رسوخهم فيه ظهورا جليا ، كقولهم : { أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء . . . } وكقولهم للمجاهدين : { لاَ تَنفِرُواْ فِي الحر . . . } { فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ } أى : فختم الله - تعالى - عليها بالكفر نتيجة إصرارهم عليه ، فصاروا ، بحيث لا يصل إليها الإيمان .

{ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } أى : فهم لا يدركون حقيقة الإيمان أصلا ، ولا يشعرون به ، ولا يفهمون حقائقه لانطماس بصائرهم .

وقوله : { ذَلِكَ } مبتدأ ، وقوله { بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا . . . } خبر : والباء للسببية .

و { ثُمَّ } للتراخى النسبى ، لأن إبطان الكفر مع إظهار الإيمان أعظم من الكفر الصريح ، وأشد ضررا وقبحا .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم ، فما معنى قوله : { بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا } ؟ .

قلت : فيه ثلاثة أوجه : أحدها : آمنوا : أى نطقوا بكلمة الشهادة ، وفعلوا كما يفعل من يدخل فى الإسلام ، ثم كفروا . أى : ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع الله عليه المؤمنين من قولهم : إن كان ما يقوله محمد - صلى الله عليه وسلم - حقا فنحن حمي .

والثانى : آمنوا ، أى : نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام ، كقوله - تعالى - : { وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ } الثالث : أن يراد أهل الردة منهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ} (3)

[ وقوله ]{[28870]} { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ } أي : إنما قُدّر عليهم النفاق لرجوعهم عن الإيمان إلى الكفران ، واستبدالهم الضلالة بالهدى { فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ } أي : فلا يصل إلى قلوبهم هدى ، ولا يخلص إليها خير ، فلا تعي ولا تهتدي .


[28870]:- (8) زيادة من م، أ.