تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَٰهَا حِسَابٗا شَدِيدٗا وَعَذَّبۡنَٰهَا عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (8)

{ 8-11 } { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا }

يخبر تعالى عن إهلاكه الأمم العاتية ، والقرون المكذبة للرسل أن كثرتهم وقوتهم ، لم تنفعهم{[1154]}  شيئًا ، حين جاءهم الحساب الشديد ، والعذاب الأليم .


[1154]:- في ب: تغن عنهم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَٰهَا حِسَابٗا شَدِيدٗا وَعَذَّبۡنَٰهَا عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (8)

بعد كل ذلك ساق - سبحانه - جانبا من سوء عاقبة الأقوام الذين فسقوا عن أمر ربهم ، وخالفوا رسله : وكرر الأمر بتقواه ، وذكر الناس بجانب من نعمه ، حيث أرسل إليهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليتلوا عليهم آياته . . . كما ذكرهم بعظيم قدرته - تعالى - وشمول علمه ، فقال - سبحانه - : { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ . . . } .

كلمة { وَكَأِيِّن } اسم لعدد كثير منهم ، يفسره ما بعده ، فهى بمعنى " كم " الخبرية التى تفيد التكثير ، وهى مبتدأ ، وقوله { مِّن قَرْيَةٍ } تمييز لها .

وجملة { عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا } خبر للمبتدأ . والعتو : الخروج عن الطاعة ، يقال : عتا فلان يعتو عتوا وعتيا . إذا تجبر وطغى وتجاوز الحدود فى الاستكبار والعناد .

والمراد بالقرية : أهلها ، على سبيل المجاز المرسل ، من إطلاق المحل وإرادة الحال ، فهو كقوله - تعالى - : { وَسْئَلِ القرية التي كُنَّا فِيهَا } والقرينة على أن المراد بالقرية أهلها ، قوله - تعالى - بعد ذلك : { أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً . . } .

والمراد بالمحاسبة فى قوله { فَحَاسَبْنَاهَا . . } المجازاة والمعاقبة الدنيوية على أعمالهم ، بدليل قوله - تعالى - عن العذاب الأخروى بعد ذلك { أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً . . } .

ويجوز أن يراد بالمحاسبة هنا : العذاب الأخروى ، وجىء بلفظ الماضى على سبيل التأكيد وتحقق الوقوع ، كما فى قوله - تعالى - : { ونادى أَصْحَابُ الجنة أَصْحَابَ النار . . } ويكون قوله - سبحانه - : { أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً . . } تكريرا للوعيد .

والمعنى : وكثير من أهل القرى الماضية ، خرجوا عن طاعة ربهم ، وعصوا رسله ، فكانت نتيجة ذلك أن سجلنا عليهم أفعالهم تسجيلا دقيقا ، وجازيناهم عليها جزاء عادلا ، بأن عذبناهم عذابا فظيعا . وعاقبناهم عقابا نكرا . .

والشىء النكر بضمتين وبضم فسكون - ما ينكره العقل من شدة كيفية حدوثه إنكارا عظيما .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَٰهَا حِسَابٗا شَدِيدٗا وَعَذَّبۡنَٰهَا عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (8)

يقول تعالى متوعدًا لمن خالف أمره ، وكذب رسله ، وسلك غير ما شرعه ، ومخبرًا عما حل بالأمم السالفة بسبب ذلك ، فقال : { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ } أي : تمردت وطغت واستكبرت عن اتباع أمر الله ومتابعة رسله ، { فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا } أي : منكرا فظيعًا .