المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَٰهَا حِسَابٗا شَدِيدٗا وَعَذَّبۡنَٰهَا عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (8)

{ كأين } : هي كاف الجر دخلت على أي ، وهذه قراءة الجمهور ، وقرا ابن كثير وعبيد عن أبي عمرو : «وكائن » ممدود مهموز ، كما قال الشاعر :

وكائن بالأباطح من صديق***{[11172]}

وقرأ بعض القراء : { وكأين } بتسهيل الهمزة ، وفي هذين الوجهين قلب لأن الياء قبل الألفات ، وقوله تعالى : { فحاسبناها } قال بعض المتأولين : الآية في الآخرة ، أي ثم هو الحساب والتعذيب والذوق وخسار العاقبة . وقال آخرون : ذلك في الدنيا ، ومعنى : { فحاسبناها حساباً شديداً } أي لم نغتفر لها زلة بل أخذت بالدقائق من الذنوب ، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكران : «نكُراً » بضم الكاف ، وقرأ الباقون : «نكْراً » بسكون الكاف وهي قراءة عيسى .


[11172]:البيت لجرير، وهو من قصيدة يمدح بها الحجاج بن يوسف، وقد ذكر المؤلف صدر البيت فقط، والبيت بتمامه: وكائن بالأباطح من صديق يراني لو أصبت هو المصابا والأباطح: جمع أبطح، وهو مسيل واسع للماء فيه دقاق الحصى، والمصيبة: ما أصاب من الدهر، يتكلم عن التعاون والوفاء والمساندة بين الأصدقاء في وقت كبر فيه وذهب شبابه، يقول في مطلع القصيدة: سئمت من المُواصلة العتابا وأمسى الشيب قد ورث الشبابا.