فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَٰهَا حِسَابٗا شَدِيدٗا وَعَذَّبۡنَٰهَا عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (8)

ولما ذكر سبحانه ما تقدم من الأحكام حذر من مخالفتها وذكر عتو قوم خالفوا أوامره فحل بهم عذابه فقال :

{ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا }

{ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله } يعني وكم من أهل قرية عصوا أمر الله ورسله وأعرضوا عن أمرها على تضمين عتت معنى أعرضت أو خرجت ، وقد قدمنا الكلام في كأين في آل عمران وغيرهما { فحاسبناها حسابا شديدا } أي شددنا على أهلها في الحساب بما عملوا بالمناقشة والاستقصاء ، قال مقاتل : حاسبها الله بعملها في الدنيا فجازاها بالعذاب ، وهو معنى قوله : { وعذبناها عذابا نكرا } أي عذبنا أهلها عذابا عظيما نكرا في الآخرة ، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير أي عذبنا أهلها عذابا نكرا في الدنيا بالجوع والقحط والسيف والخسف والمسخ ، وحاسبناهم في الآخرة حسابا شديدا . قال ابن عباس : يقول لم ترحم ، والنكر المنكر قرئ نكرا بسكون الكاف وضمها وهما سبعيتان .