مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَٰهَا حِسَابٗا شَدِيدٗا وَعَذَّبۡنَٰهَا عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (8)

قوله تعالى : { وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا ، فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا ، أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ، رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور } .

قوله تعالى : { وكأين من قرية } الكلام في كأين قد مر ، وقوله : { عتت عن أمر ربها } وصف القرية بالعتو والمراد أهلها ، كقوله : { واسأل القرية } قال ابن عباس : { عتت عن أمر ربها } أي أعرضت عنه ، وقال مقاتل : خالفت أمر ربها ، وخالفت رسله ، فحاسبناها حسابا شديدا ، فحاسبها الله بعملها في الدنيا فجازاها العذاب ، وهو قوله : { وعذبناها عذابا نكرا } أي عذابا منكرا عظيما ، فسر المحاسبة بالتعذيب . وقال الكلبي : هذا على التقديم والتأخير ، يعني فعذبناها في الدنيا وحاسبناها في الآخرة حسابا شديدا ، والمراد حساب الآخرة وعذابها .