الآية 8 وقوله تعالى { وكأين من قرية عنت عن أمر ربها ورسله } وصف الله تعالى القرية بالعتو . ومعلوم أنها لا تعتو ، ولكن المراد منه أن عتا أهلها من أمر ربهم .
وقد يجوز أن يكنّى بالمكان عن الأهل كما قال في آية أخرى : { واسأل القرية التي كنا فيها } [ يوسف : 82 ]يعني اسأل أهل القرية وفي هذا دلالة أن ما خرج مخرج الكناية في الحقيقة لم يكن كذبا ، وإن كان في ظاهره تراءى أنه كذب .
ألا ترى قوله تعالى : { إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة } ] ص : 23 ومعلوم أنه لم يكن هناك نعجات{[21516]} ، ولكن كناية عن النساء ، فخرج على الصدق في الحقيقة كناية أن هذا أخي له تسع وتسعون امرأة ، فكذلك الأول ، والله أعلم .
والعتوّ النهاية في الاستكبار ، ألا ترى إلى قوله تعالى : { لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا } [ الفرقان : 21 ] .
وقوله تعالى : { فحاسبناها حسابا شديدا } له أوجه من التأويل :
أحدهما يقول : { فحاسبناها } أي بلغوا في الكفر والعتو والاستكبار مبلغا صاروا من أهل الحساب الشديد والعذاب المنكر .
والثاني : {[21517]} يجعل ما ذكر الله تعالى من نزول النقمة بالأمم الماضية لعتوهم واستكبارهم حسابا شديدا لهذه الأمة ليتذكّروا ، ويتّعظوا .
والثالثة {[21518]} يكون معناه : { فحاسبناها } أي ستحاسب حسابا شديدا في الآخرة كما كان معنى قوله تعالى : { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس } [ المائدة : 116 . ] بمعنى : وإذ يقول الله ، فكذلك الأول ، والله اعلم .
ووجه نزول هذه الآيات أن يكون له معنيان :
أحدهما : تخويف أمة محمد صلى الله عليه وسلم والكفرة من أهل مكة بما نزل بالأمم الخالية حين تركوا اتباع رسلهم والإيمان بهم ، واستكبروا في أنفسهم ، وعتوا ، لكي ينتهي أهل قريته عليه السلام ، عما هم فيه من الكفر والعتو ، ويحذروا الوقوع فيه في حادث الأوقات .
و[ الثاني : ]{[21519]} يحتمل أن تكون تسكينا لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهوينا عليه في ما يلقى من أمر قومه وعصيانهم وعتوّهم ، وليعلم ما لقيت الرسل المتقدمة من أممهم حتى بلغ كفرهم واستكبارهم المبلغ الذي وقع اليأس من إيمانهم حتى أنزل الله تعالى بهم ما أنزل من النقم والعقوبة .
ويجوز أن تكون هذه [ الآيات ]{[21520]} محنة امتحن بها رسوله لتعلم شفقته على أمته في ترك الدعاء /577 – ب / عليهم بالإهلاك والله اعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.