تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٞ} (9)

{ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } أي : مأواه ومسكنه النار ، التي من أسمائها الهاوية ، تكون له بمنزلة الأم الملازمة كما قال تعالى : { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا } .

وقيل : إن معنى ذلك ، فأم دماغه هاوية في النار ، أي : يلقى في النار على رأسه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٞ} (9)

{ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } أى : فمرجعه ومأواه الذى يأوى إليه ، نار سحيقة يهوي إليها بدون رحمة أو شفقة ، بسبب كفره وفسوقه .

فالمراد بالأم هنا : المرجع والمأوى ، وبالهاوية : النار التى يسقط فيها ، وسميت النار بذلك لشدة عمقها ، وسمى المأوى أُمًّا ؛ لأن الإِنسان يأوي إليه كما يأوي ويلجأ إلى أمه .

ويرى بعضهم أن المراد بأمه هنا الحقيقة ؛ لأن العرب يكنون عن حال المرء بحال أمه فى الخير وفى الشر ، لشدة محبتها له .

قال صاحب الكشاف : قوله : { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة : هوت أمه ؛ لأنه إذا هوى - أي سقط وهلك- فقد هوت أمه ثكلا وحزنا . . فكأنه قيل : وأما من خفت موازينه فقد هلك .

وقيل : " هاوية " من أسماء النار ، وكأنها النار العميقة لهوي أهل النار فيها مهوى بعيدا ، كما روي : " يهوي فيها سبعين خريفا " ، أي : فمأواه النار .

وقيل للمأوى : أم ، على التشبيه ؛ لأن الأم مأوى الولد ومفزعه .

وقال بعض العلماء : واعلم أنه يجب علينا أن نؤمن بما ذكره الله - تعالى - من الميزان فى هذه الآية وما يشبهها ، وليس علينا أن نبحث فيما وراء ذلك مما لم يثبت عن الله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ونكل ما وراء ذلك إلى علام الغيوب ، على أن وزن الأعمال ، أو وزن صحائفها ، أو وزن الصور الجميلة ، كل ذلك أمر ممكن ، لا يترتب على فرض وقوعه محال ، فوقوع شيء من ذلك لا يعجز الله - تعالى - ولا يقف أمام قدرته الغالبة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٞ} (9)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله : { وَأمّا مَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ فأُمّهُ هاوِيَةٌ } يقول : وأما من خفّ وزن حسناته ، فمأواه ومسكنه الهاوية ، التي يهوي فيها على رأسه في جهنم.. قال قتادة : هي كلمة عربية ، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد ، قال : هوت أمه ... قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فَأُمّهُ هاوِيَةٌ } قال : الهاوية : النار هي أمّه ومأواه التي يرجع إليها ، ويأوي إليها ... عن ابن عباس { فَأُمّهُ هاوِيَةٌ } وهو مثلها ، وإنما جعل النار أمّه ؛ لأنها صارت مأواه ، كما تؤوي المرأة ابنها ، فجعلها إذ لم يكن له مأوى غيرها ، بمنزلة أمّ له .

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة : هوت أمّه ؛ لأنه إذا هوى أي : سقط وهلك ، فقد هوت أمّه ثكلاً وحزناً ...

فكأنه قيل : وأما من خفت موازينه فقد هلك . وقيل : { هَاوِيَةٌ } من أسماء النار ، وكأنها النار العميقة لهوي أهل النار فيها مهوى بعيداً ، كما روي : «يهوي فيها سبعين خريفاً » أي : فمأواه النار . وقيل : للمأوى : أمّ ، على التشبيه ؛ لأنّ الأمّ مأوى الولد ومفزعه .

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

قال كثير من المفسرين : المراد بالأم نفس الهاوية ، وهي درك من أدراك النار ، وهذا كما يقال للأرض : أم الناس ؛ لأنها تؤويهم ، وكما قال عتبة بن أبي سفيان في الحرب : فنحن بنوها ، وهي أمنا ، فجعل الله الهاوية أم الكافر لما كانت مأواه ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

إخبار عنه بالشقاء وسوء الحال ، فالأم هنا يجوز أن تكون مستعملة في حقيقتها . وهاوية : هالكة ، والكلام تمثيل لحال من خفّت موازينه يومئذ بحال الهالك في الدنيا لأن العرب يكنون عن حال المرء بحال أمه في الخير والشر لشدة محبتها ابنها فهي أشد سروراً بسروره وأشد حزناً بما يحزنه . ... ويجوز أن يكون « أمه » مستعاراً لمقره ومآله لأنه يأوي إليه كما يأوي الطفل إلى أمه . و{ هاوية } المكان المنخفض بين الجبلين الذي إذا سقط فيه إنسان أو دابة هلك ، يقال : سقط في الهاوية . وأريد بها جهنم ، وقيل : هي اسم لجهنم ، أي فمأواه جهنم ... و { هاوية } ساقطة من قولهم سقط على أم رأسه ، أي هلك ....