تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

ثم قال تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }

أي : من يدين لله بغير دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده ، فعمله مردود غير مقبول ، لأن دين الإسلام هو المتضمن للاستسلام لله ، إخلاصا وانقيادا لرسله فما لم يأت به العبد لم يأت بسبب النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه ، وكل دين سواه فباطل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

ثم بين - سبحانه - أن كل من يطلب دينا سوى دين الإسلام فهو خاسر فقال - تعالى - : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } .

أى : ومن يطلب دينا سوى دين الإسلام الذى أتى به - عليه الصلاة والسلام - فلن يقبل منه هذا الدين المخالف لدين الإسلام ، لأن دين الإسلام الذى جاء به محمد ، هو الدين الذى ارتضاه الله لعباده قال - تعالى - { اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً } ولأنه هو الدين الذى ختم الله به الديانات ، وجمع فيه محاسنها .

أما عاقبة هذا الطالب لدين سوى دين الإسلام فقد بينها - سبحانه - بقوله : { وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ الخاسرين } .

أى وهو فى الآخرة من الذين خسروا أنفسهم بحرمانهم من ثواب الله ، واستحقاقهم لعقابه جزاء ما قدمت أيديهم من كفر وضلال .

وفى الحديث الشريف " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " أى مردود عليه ، وغير مقبول منه .

وفى الإخبار بالخسران عن الذى يبتغى أى يطلب دينا سوى الإسلام ، إشعار بأن من يتبع دينا سوى دين الإسلام يكون أشد خسرانا ، وأسوأ حالا ، لأن الطلب أقل شرا من الاتباع الفعلى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

65

وهي لفتة ذات قيمة قبل التقرير الشامل الدقيق الأكيد :

( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين ) . .

إنه لا سبيل - مع هذه النصوص المتلاحقة - لتأويل حقيقة الإسلام ، ولا للي النصوص وتحريفها عن مواضعها لتعريف الإسلام بغير ما عرفه به الله ، الإسلام الذي يدين به الكون كله . في صورة خضوع للنظام الذي قرره الله له ودبره به .

ولن يكون الإسلام إذن هو النطق بالشهادتين ، دون أن يتبع شهادة أن لا إله إلا الله معناها وحقيقتها . وهي توحيد الألوهية وتوحيد القوامة . ثم توحيد العبودية وتوحيد الاتجاه . ودون أن يتبع شهادة أن محمدا رسول الله معناها وحقيقتها . وهي التقيد بالمنهج الذي جاء به من عند ربه للحياة ، واتباع الشريعة التي أرسله بها ، والتحاكم إلى الكتاب الذي حمله إلى العباد .

ولن يكون الإسلام إذن تصديقا بالقلب بحقيقة الألوهية والغيب والقيامة وكتب الله ورسله . . دون أن يتبع هذا التصديق مدلوله العملي ، وحقيقته الواقعية التي أسلفنا . .

ولن يكون الإسلام شعائر وعبادات ، أو إشراقات وسبحات ، أو تهذيبا خلقيا وإرشادا روحيا . . دون أن يتبع هذا كله آثاره العملية ممثلة في منهج للحياة موصول بالله الذي تتوجه إليه القلوب بالعبادات والشعائر ، والإشراقات والسبحات ، والذي تستشعر القلوب تقواه فتتهذب وترشد . . فإن هذا كله يبقى معطلا لا أثر له في حياة البشر ما لم تنصب آثاره في نظام اجتماعي يعيش الناس في إطاره النظيف الوضيء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

ثم حكم تعالى في قوله { ومن يبتغ } الآية بأنه لا يقبل من آدمي ديناً غير دين الإسلام ، وهو الذي وافق في معتقداته دين كل من سمي من الأنبياء ، وهو الحنيفية السمحة ، وقال عكرمة : لما نزلت قال أهل الملل للنبي صلى الله عليه وسلم : قد أسلمنا قبلك ونحن المسلمون ، فقال الله له : فحجهم يا محمد وأنزل عليه { ولله على الناس حج البيت }{[3302]} فحج المسلمون وقعد الكفار ، وأسند الطبري عن ابن عباس أنه قال : نزلت { إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر } إلى قوله { ولا هم يحزنون }{[3303]} فأنزل الله بعدها ، { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه } الآية .

قال الفقيه الإمام : فهذه إشارة إلى نسخ ، وقوله { في الآخرة } متعلق بمقدر ، تقديره خاسر في الآخرة لأن الألف واللام في { الخاسرين } في معنى الموصول ، وقال بعض المفسرين : إن قوله { من يبتغ } الآية ، نزلت في الحارث بن سويد{[3304]} ، ولم يذكر ذلك الطبري .


[3302]:- من الآية: (97) من سورة آل عمران.
[3303]:- الآية (62) من سورة البقرة.
[3304]:- الحارث بن سويد، ويقال: ابن مسلم المخزومي، ارتد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحق بالكفار فنزلت هذه الآية: [كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم] الآيات، فحمل رجل هذه الآيات فقرأهن عليه فرجع وأسلم وحسن إسلامه، روى عنه مجاهد. "الاستيعاب" و"الإصابة.