تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

{ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا } أي : حي القلب واعيه ، فهو الذي يزكو على هذا القرآن ، وهو الذي يزداد من العلم منه والعمل ، ويكون القرآن لقلبه بمنزلة المطر للأرض الطيبة الزاكية . { وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } لأنهم قامت عليهم به حجة اللّه ، وانقطع احتجاجهم ، فلم يبق لهم أدنى عذر وشبهة يُدْلُونَ بها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

وقد أنزلناه على الرسول الكريم { لينذر } به { مَن كَانَ حَيّاً } .

أى : من كان مؤمناً عاملاً ذا قلب حى ، ونفس نقية ، وأذن واعية ، لأن من كانت هذه صفاته انتفع بالإنذار والتذكير .

{ وَيَحِقَّ القول عَلَى الكافرين } أى : أن من كان ذا قلب فإنه ينتفع بالإِنذار ، أما من كان مصراً على كفره وضلاله ، فإن كلمة العذاب قد حقت عليه ، وصارت نهايته الإِلقاء به فى جهنم وبئس القرار .

وقد تكلم المفسرون هنا كلاما مفصلاً . عن كون القرآن ليس شعراً ، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم ليس شاعراً ، وعلى رأسهم صاحب الكشاف فقد قال ما ملخصه : كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه شاعر . فرد عليهم بقوله : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشعر } أى : أن القرآن ليس بشعر ، وأن هو من الشعر . والشعر إنما هو كلام موزون مقفى يدل على معنى ، فأين الوزن ؟ وأين التقفية ؟

وأين المعانى التى ينتحيها الشعراء من معانيه ؟ وأين نظم كلامهم من نظمه وأساليبه . . .

{ وَمَا يَنبَغِي لَهُ } أى : وما يصح له ، ولا يتطلبه إن طلبه ، أى : جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له . ولم يتسهل كما جعلناه أميا . . لتكون الحجة أثبت ، والشبهة أدحض . . .

فإن قلت : فقوله :

أنا النبى لا كذب . . . أنا ابن عبد المطلب

قلت : ما هو إلا كلام من جنس كلامه صلى الله عليه وسلم الذى كان يرمى به على السليفة . من غير صنعة ولا تكلف ، إلا أنه اتفق ذلك من غير قصد إلى ذلك ، ولا التفات منه إذا جاء موزونا ، كما يتفق فى كثير من إنشاءات الناس فى خطبهم ورسائلهم ، أشياء موزونة ، ولا يسميها أحد شعرا ، ولا يخطر ببال السامع ولا المتكلم أنها شعر . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

( لينذر من كان حياً ، ويحق القول على الكافرين ) . .

ويضع التعبير القرآني الكفر في مقابل الحياة . فيجعل الكفر موتاً ، ويجعل استعداد القلب للإيمان حياة . ويبين وظيفة هذا القرآن بأنه نزل على الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لينذر من به حياة . فيجدي فيهم الإنذار ، فأما الكافرون فهم موتى لا يسمعون النذير ؛ وظيفة القرآن بالقياس إليهم هي تسجيل الاستحقاق للعذاب ، فإن الله لا يعذب أحداً حتى تبلغه الرسالة ثم يكفر عن بينة ويهلك بلا حجة ولا معذرة !

وهكذا يعلم الناس أنهم إزاء هذا القرآن فريقان : فريق يستجيب فهو حي . وفريق لا يستجيب فهو ميت ويعلم هذا الفريق أن قد حق عليه القول ، وحق عليه العذاب !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

وقرأ نافع وابن كثير ، «لتنذر » بالتاء على مخاطبة محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ الباقون «لينذر » بالياء أي لينذر القرآن أو لينذر محمد ، واللام في «لينذر » متعلقة ب { مبين } . وقرأ محمد اليماني «ليُنذَر » بضم الياء وفتح الذال قال أبو حاتم : ولو قرىء «لينذَر » بفتح الياء والذال أي لتحفظ ويأخذ بحظه لكان جائزاً ، وحكاها أبو عمرو قراءة عن محمد اليماني{[9816]} .

وقوله تعالى : { من كان حياً } أي حي القلب والبصيرة ، ولم يكن ميتاً لكفره ، وهذه استعارة قال الضحاك { من كان حياً } معناه عاقلاً ، { ويحق القول } معناه يحتم العذاب ويجب الخلود ، وهذا كقوله تعالى : { حقت كلمة ربك } [ يونس : 33 ] .


[9816]:قراءة(لينذَر) بفتح الياء والذال هي قراءة أبي السمال وابن السميقع أيضا. وهي مضارع(نذِر) بكسر الذال إذا علم بالشيء فاستعد له.