تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

{ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } أي : وإن هذا القرآن الذي ينزل عليك وتتلقفه وتتلقنه ينزل من عند { حَكِيمٍ } يضع الأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها . { عَلِيمٍ } بأسرار الأمور{[587]} وبواطنها ، كظواهرها . وإذا كان من عند { حَكِيمٍ عَلِيمٍ } {[588]} علم أنه كله حكمة ومصالح للعباد ، من الذي [ هو ] أعلم بمصالحهم منهم ؟


[587]:- في ب: الأحوال.
[588]:- سبق قلم الشيخ -رحمه الله- فكتب: (حكيم خبير) فصححتها، وأبقيت التفسير كما هو.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

وقوله - تعالى - : { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القرآن مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } كلام مستأنف سيق بعد بيان بعض صفات القرآن الكريم ، تمهيداً لما سيأتى بعد ذلك من قصص وآداب وأحكام وهدايات .

وقوله { لَتُلَقَّى } من التلقى بمعنى الأخذ عن الغير ، والمراد به جبريل - عليه السلام - .

أى : وإنك - أيها الرسول الكريم - لتتلقى القرآن الكريم بواسطة جبريل - عليه السلام - من لدن ربك الذى يفعل كل شىء بحكمة ليس بعدها حكمة ، ويدبر كل أمر بعلم شامل لكل شىء .

وصدرت هذه الآية الكريمة بحرفى التأكيد - وهما إن ولام القسم - للدلالة على كمال العناية بمضمونه .

والتعبير بقوله { لَتُلَقَّى } يشعر بمباشرة الأخذ عن جبريل - عليه السلام - بأمر الله - تعالى - الحكيم العليم ، كما يشعر بقوته وشدته ، كما فى قوله - سبحانه - : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } وجاء الأسلوب بالبناء للمفعول فى قوله : " تلقى " وحذف الفاعل وهو جبريل للتصريح به فى آيات أخرى منها قوله - تعالى - { نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المنذرين } وجمع - سبحانه - فى وصفه لذاته بين الحكمة والعلم ، للدلالة على أن هذا القرآن تتجلى فيه كل صفات الإتقان والإحكام ، لأن كلام الحكيم فى أفعاله ، العليم بكل شىء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

وتنتهي مقدمة السورة بإثبات المصدر الإلهي الذي يتنزل منه هذا القرآن على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ) . .

ولفظ( تلقى )يلقي ظل الهدية المباشرة السنية من لدن حكيم عليم . يصنع كل شيء بحكمة ، ويدبر كل أمر بعلم . . وتتجلى حكمته وعلمه في هذا القرآن . في منهجه ، وتكاليفه ، وتوجيهاته ، وطريقته . وفي تنزيله في إبانه . وفي توالي أجزائه . وتناسق موضوعاته .

ثم يأخذ في القصص . وهو معرض لحكمة الله وعلمه وتدبيره الخفي اللطيف .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

{ وإنك لتلقى القرآن } لتؤتاه . { من لدن حكيم عليم } أي حكيم وأي عليم ، والجمع بينهما مع أن العلم داخل في الحكمة لعموم العلم ودلالة الحكمة على اتقان الفعل والإشعار بأن علوم القرآن منها ما هو حكمه كالعقائد والشرائع ومنها ما ليس كذلك كالقصص والأخبار عن المغيبات .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإنك لتلقى} يعني: لتؤتى {القرآن} كقوله سبحانه: {وما يلقاها} [فصلت:35] يعني: وما يؤتاها، ثم قال: {من لدن حكيم} في أمره {عليم}، بأعمال الخلق.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وإنك يا محمد لتحفظ القرآن وتعلمه "مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ "يقول: من عند حكيم بتدبير خلقه، عليم بأنباء خلقه ومصالحهم، والكائن من أمورهم، والماضي من أخبارهم، والحادث منها.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى} لتلقّن وتعطى {الْقُرْآنَ}..

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} فيه أربعة تأويلات: أحدها: لتأخذ القرآن، قاله قتادة. الثاني: لتوفى القرآن، قاله السدي. الثالث: لتلقن القرآن، قاله ابن بحر. ويحتمل رابعاً: لتتقبل القرآن لأنه أوّل من يلقاه عند نزوله. {مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَليمٍ} أي من عند حكيم في أمره، عليم بخلقه.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... وهذه الآية بساط وتمهيد، لما يريد أن يسوق بعدها من الأقاصيص وما في ذلك من لطائف حكمته ودقائق علمه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وهذه الآية رد على كفار قريش في قولهم إن القرآن من تلقاء محمد صلى الله عليه وسلم بن عبد الله، و {من لدن}، معناه من عنده ومن جهته، و «الحكيم» ذو الحكمة في معرفته حيث يجعل رسالاته وفي غير ذلك لا إله إلا هو.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

خاطب نبيه بقوله: {وإنك}، أي هذا القرآن الذي تلقيته هو من عند الله تعالى، وهو الحكيم العليم، لا كما ادعاه المشركون من أنه إفك وأساطير وكهانة وشعر، وغير ذلك من تقوّلاتهم.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

... حكيم في أوامره ونواهيه، عليم بالأمور جليلها وحقيرها، فخبره هو الصدق المحض، وحكمه هو العدل التام.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وإنك} أي وأنت أشرف الخلق وأعلمهم وأحلمهم وأحكمهم {لتلقى القرآن} أي تجعل متلقياً له من الملك، وحذف هنا الواسطة وبناه للمفعول إعلاء له ولما كانت الأمور التي من عند الله تارة تكون على مقتضى الحكمة فتسند إلى أسبابها، وأخرى خارقة للعادة فتنسب إليه سبحانه، والخارقة تارة تكون في أول رتب الغرابة فيعبر عنها بعند، وتارة تكون في أعلاها فيعبر عنها بلدن، نبه سبحانه على أن هذا القرآن في الذروة من الغرابة في أنواع الخوارق فقال: {من لدن}. ولما مضى في آخر الشعراء ما تقدم من الحكم الجمة في تنزيله بهذا اللسان. وعلى قلب سيد ولد عدنان، بواسطة الروح الأمين، مبايناً لأحوال الشياطين، إلى غير ذلك مما مضى إلى أن ختمت بتهديد الظالمين، وكان الظالم إلى الحكمة أحوج منه إلى مطلق العلم، وقدم في هذه أنه هدى، وكان الهادي لا يقتدي به ولا يوثق بهدايته إلا إن كان في علمه حكيماً، اقتضى السياق تقديم وصف الحكمة، واقتضى الحال التنكير لمزيد التعظيم فقال: {حكيم} أي بالغ الحكمة، فلا شيء من أفعاله إلا وهو في غاية الإتقان {عليم} أي عظيم العلم واسعه تامه شامله، فهو بعيد جداً عما ادعوه فيه من أنه كلام الخلق الذي لا علم لهم ولا حكمة إلا ما آتاهم الله، ومصداق ذلك عجز جميع الخلق عن الإتيان بشيء من مثله، وإدراك شيء من مغازيه حق إدراكه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وتنتهي مقدمة السورة بإثبات المصدر الإلهي الذي يتنزل منه هذا القرآن على رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم)..

ولفظ (تلقى) يلقي ظل الهدية المباشرة السنية من لدن حكيم عليم. يصنع كل شيء بحكمة، ويدبر كل أمر بعلم.. وتتجلى حكمته وعلمه في هذا القرآن. في منهجه، وتكاليفه، وتوجيهاته، وطريقته. وفي تنزيله في إبانه. وفي توالي أجزائه. وتناسق موضوعاته.

ثم يأخذ في القصص. وهو معرض لحكمة الله وعلمه وتدبيره الخفي اللطيف.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {تلقّى} مضارع لقاه مبنيٌّ للمجهول، أي جعله لاقياً. واللُّقيُّ واللقاء: وصول أحد الشيئين إلى شيء آخر قصداً أو مصادفة. والتلقية: جعل الشيء لاقياً غيره، قال تعالى: {ولقّاهم نضرة وسروراً} [الإنسان: 11]، وهو هنا تمثيل لحال إنزال القرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحال التلقية كأنَّ جبريل سعَى للجمع بين النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن. وإنما بني الفعل إلى غير مذكور للعلم بأنه الله أو جبريل، والمعنى واحد: وهو أنك مؤتى الوحي من لدن حكيم عليم...

وفي إقحام اسم {لدُن} بين {مِن} و {حكيم} تنبيه على شدة انتساب القرآن إلى جانب الله تعالى، فإن أصل {لدن} الدلالة على المكان مثل (عند) ثم شاع إطلاقها على ما هو من خصائص ما تضاف هي إليه تنويهاً بشأنه، قال تعالى: {وعلَّمناه من لُدنَّا عِلماً} [الكهف: 65].

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}، وتلقى: معناها يلقي إليك بقوة فتلقاه راضيا بقوة، متحملا ما يوجبه تحمله وتلقيه من صبر دائم، وجهاد مستمر ومصابرة لأعدائه، وتلقيه هو من عند الله تعالى الحكيم الذي يعطي كلاما هو صالح، وهو عليم بالنفوس يطب لأدرانها بما يزيل أسقامها.