تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

المفردات :

لتلقى : لتلقن وتعطي . من لدن : من عند .

حكيم : عظيم الحكمة ، والحكمة : إتقان الأمور .

التفسير :

6-{ وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم }

تأتي هذه الآية ختاما لمقدمة السورة ، وتمهيدا لما سيأتي بعدها من قصص ، فتخبر أن القرآن من عند الله ، تلقاه محمد صلى الله عليه وسلم عن جبريل ، وتلقاه جبريل عن الله ، وقد أكدت الآية أن القرآن من عند الله ، ردعا لمن افترى بأن القرآن شعر أو كهانة أو أساطير الأولين ، وقد صرحت آية أخرى بهذا التلقي حيث قال سبحانه : { نزل به الروح الأمين*على قلبك لتكون من المنذرين } [ الشعراء : 193 ، 194 ] . وفي الآية إشعار بفضل الله على نبيه ، فهو يتلقى هذا الوحي بواسطة جبريل من الحكيم العليم ، فالله حكيم أنزل القرآن منجما ومجزأ حسب الوقائع والحوادث ، وقد اشتمل القرآن على حكمة التشريع ، وآداب الحياة ، ونظام العبادات والمعاملات ، وبيان الفرائض والأحكام ، لذلك نسب إلى الحكيم واسع الحكمة ، الذي لا يعمل عملا إلا لحكمة إلهية عليا ، وهو سبحانه : { عليم } واسع العلم أحاط بكل شيء علما ، وهو سبحانه : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء . . . } [ البقرة : 255 ] .

وقال تعالى : { وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما } [ النساء : 113 ] وقال سبحانه : { وقل رب زدني علما } [ طه : 114 ] .

وخبر القرآن هو الصدق والعدل ، وشريعته هي الشريعة الوسط المعتدلة بلا تفريط ولا إفراط ، قال تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا . . } [ الأنعام : 115 ] .