فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

ثم مهد سبحانه مقدمة نافعة لما سيذكره بعد ذلك من الأخبار العجيبة ، فقال مخاطبا للنبي صلى الله عليه وسلم :

{ وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم } أي : يلقي عليك بشدة فتلقاه ، وتأخذه من لدن كثير الحكمة والعلم ، ووجه الجمع بينهما- مع أن العلم داخل في الحكمة – أن العلم الذي يدخل فيها هو العلم العملي ، وهو الذي يتعلق بكيفية العمل ، والعلم منه ، فكأنه قيل : مصيب في أفعاله ، لا يفعل شيئا إلا على وفق علمه ، عليم بكل شيء ، سواء كان ذلك العلم مؤديا إلى العمل أم لا .

قيل : إن ( لدن ) ههنا بمعنى عند ، وفيها لغات كما تقدم في سورة الكهف ، وهذه الآية بساط وتمهيد لما يريد أن يسوق بعدها من الأقاصيص وما في ذلك من لطائف حكمته ، ودقائق علمه ، وقد اشتملت هذه السورة على قصص خمس : الأولى هذه ، وتليها قصة النملة ، وتليها قصة بلقيس ، وتليها قصة صالح ، وتليها قصة لوط .