البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (6)

خاطب نبيه بقوله : { وإنك } ، أي هذا القرآن الذي تلقيته هو من عند الله تعالى ، وهو الحكيم العليم ، لا كما ادعاه المشركون من أنه إفك وأساطير وكهانة وشعر ، وغير ذلك من تقوّلاتهم .

وبنى الفعل للمفعول ، وحذف الفاعل ، وهو جبريل عليه السلام ، للدلالة عليه في قوله : { نزل به الروح الأمين } ولقي يتعدى إلى واحد ، والتضعيف فيه للتعدية ، فيعدى به إلى اثنين ، وكأنه كان غائباً عنه فلقيه فتلقاه .

قال ابن عطية : ومعناه يعطي ، كما قال : { وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } وقال الحسن : المعنى وإنك لتقبل القرآن .

وقيل : معناه تلقن .

والحكمة : العلم بالأمور العملية ، والعلم أعم منه ، لأنه يكون عملياً ونظرياً ، وكمال العلم : تعلقه بكل المعلومات وبقاؤه مصوناً عن كل التغيرات ، ولا يكون ذلك إلا لله تعالى .

وهذه الآية تمهيد لما يخبر به من المغيبات وبيان قصص الأمم الخالية ، مما يدل على تلقيه ذلك من جهة الله ، وإعلامه بلطيف حكمته دقيق علمه تعالى .