تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ} (6)

{ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } من ملك وإنسي وجني ، وحيوان ، وجماد ، ونبات ، { وَمَا تَحْتَ الثَّرَى } أي : الأرض ، فالجميع ملك لله تعالى ، عبيد مدبرون ، مسخرون تحت قضائه وتدبيره ، ليس لهم من الملك شيء ، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ} (6)

ثم أكد - سبحانه - شمول ملكه وقدرته فقال : { لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض } من كائنات وموجودات ملكا وتصرفا وإيحاء وإماتة ، وله { مَا بَيْنَهُمَا } من مخلوقات لا يعلمها إلا هو وله { مَا تَحْتَ الثرى } والثرى : هو التراب الندى . يقال : ثريت الأرض - كرضيت - إذا نديت ولانت بعد أن كانت جدباء يابسة .

والمقصود : وله - سبحانه - بجانب ما فى السموات وما فى الأرض وما بينهما ، ما وراء الثرى وهو تخوم الأرض وطبقاتها إلى نهايتها .

وخص - سبحانه - ما تحت الثرى بالذكر ، مع أنه داخل فى قوله : { وَمَا فِي الأرض } لزيادة التقرير ، ولتأكيد شمول ملكيته - سبحانه - لكل شىء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ} (6)

ومع الهيمنة والاستعلاء الملك والإحاطة :

{ له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى } .

والمشاهد الكونية تستخدم في التعبير لإبراز معنى الملك والإحاطة في صورة يدركها التصور البشري . والأمر اكبر من ذلك جداً . ولله ما في الوجود كله وهو أكبر مما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ} (6)

وقوله : { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى } أي : الجميع ملكه وفي قبضته ، وتحت تصريفه ومشيئته وإرادته وحكمه ، وهو خالق ذلك ومالكه وإلهه ، لا إله سواه ، ولا رب غيره .

وقوله : { وَمَا تَحْتَ الثَّرَى } قال محمد بن كعب : أي ما تحت الأرض السابعة .

وقال الأوزاعي : إن يحيى بن أبي كثير حدثه أن كعبًا سُئِل فقيل له : ما تحت هذه الأرض ؟ فقال : الماء . قيل : وما تحت الماء ؟ قال : الأرض . قيل : وما تحت الأرض ؟ قال : الماء . قيل : وما تحت الماء ؟ قال : الأرض ، قيل : وما تحت الأرض ؟ قال : الماء . قيل : وما تحت الماء ؟ قال : الأرض ، قيل : وما تحت الأرض ؟ قال الماء . قيل : وما تحت الماء ؟ قال : الأرض ، قيل : وما تحت الأرض ؟ قال : صخرة . قيل : وما تحت الصخرة ؟ قال : ملك . قيل : وما تحت الملك ؟ قال : حوت معلق طرفاه بالعرش ، قيل : وما تحت الحوت ؟ قال : الهواء والظلمة وانقطع العلم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله بن أخي بن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا عبد الله بن عَيَّاش ، حدثنا عبد الله بن سليمان عن دَرَّاج ، عن عيسى بن هلال الصَّدَفي ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الأرضين بين كل أرض والتي تليها مسيرة خمسمائة عام ، والعليا منها على ظهر حوت ، قد التقى طرفاه في السماء ، والحوت على صخرة ، والصخرة بيد الملك ، والثانية سجن{[19209]} الريح ، والثالثة فيها حجارة جهنم ، والرابعة فيها كبريت جهنم ، والخامسة فيها حيات جهنم والسادسة فيها عقارب جهنم ، والسابعة فيها سَقَر ، وفيها إبليس مُصَفّد بالحديد ، يد أمامه ويد خلفه ، فإذا أراد الله أن يطلقه لما يشاء أطلقه " {[19210]} .

هذا حديث غريب جدًّا ورفعه فيه نظر .

وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده : حدثنا أبو موسى الهروي ، عن العباس بن الفضل [ قال ] :{[19211]} قلت : ابن الفضل الأنصاري ؟ قال : نعم ، [ عن القاسم ]{[19212]} بن عبد الرحمن ، عن محمد بن علي ، عن جابر بن عبد الله قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فأقبلنا راجعين في حر شديد ، فنحن متفرقون بين واحد واثنين ، منتشرين ، قال : وكنت في أول العسكر : إذ عارضنا رجل فَسَلّم ثم قال : أيكم محمد ؟ ومضى أصحابي ووقفت معه ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقبل في وسط العَسْكَر على جمل أحمر ، مُقَنَّع بثوبه على رأسه من الشمس ، فقلت : أيها السائل ، هذا رسول الله قد أتاك . فقال : أيهم هو ؟ فقلت : صاحب البَكْر الأحمر . فدنا منه ، فأخذ بخطام راحلته ، فكف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال{[19213]} : أنت محمد ؟ قال : " نعم " . قال : إني أريد أن أسألك عن خصال ، لا يعلمهن أحد من أهل الأرض إلا رجل أو رجلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سل عما شئت " . فقال : يا محمد ، أينام النبي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تنام عيناه ولا ينام قلبه " . قال : صدقت . ثم قال : يا محمد ، مِنْ أين يشبه الولد أباه وأمه ؟ قال{[19214]} ماء الرجل أبيض غليظ ، وماء المرأة أصفر رقيق ، فأيّ الماءين غلب على الآخر نزع الولد " . فقال{[19215]} صدقت . فقال : ما للرجل من الولد وما للمرأة منه ؟ فقال : " للرجل العظام والعروق والعصب ، وللمرأة اللحم والدم والشعر{[19216]} قال : صدقت . ثم قال : يا محمد ، ما تحت هذه ، يعني الأرض ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلق " . فقال : فما تحتهم ؟ قال : " أرض " . قال : فما تحت الأرض ؟ قال " الماء " قال : فما تحت الماء ؟ قال : " ظلمة " . قال : فما تحت الظلمة ؟ قال : " الهواء " . قال : فما تحت الهواء ؟ قال : " الثرى " . قال : فما تحت الثرى ؟ ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، وقال : " انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق ، أيها السائل ، ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . قال : فقال : صدقت ، أشهد أنك رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس ، هل تدرون من هذا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " هذا جبريل صلى الله عليه وسلم{[19217]} {[19218]} .

هذا حديث غريب جدًا ، وسياق عجيب ، تفرد به القاسم بن عبد الرحمن هذا ، وقد قال فيه يحيى بن معين : " ليس يساوي شيئًا " وضعفه أبو حاتم الرازي ، وقال ابن عدي : لا يعرف .

قلت : وقد خلط في هذا الحديث ، ودخل عليه شيء في شيء ، وحديث في حديث . وقد يُحْتَمل أنه تَعَمَّد ذلك ، أو أدخل عليه فيه ، فالله أعلم .


[19209]:في أ: "مسجن".
[19210]:ورواه ابن منده في كتاب التوحيد برقم (63) من طريق حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب بنحوه. ورواه الحاكم في المستدرك (4/594) من طريق بحر بن نصر عن عبد الله بن وهب عن عبد الله بن عياش عن عبد الله بن سليمان، عن دراج عن أبي الهيثم عن عيسى بن هلال عن عبد الله بن عمرو بمثله، فزاد أبو الهيثم في إسناده. وقال: "صحيح ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي. قلت: "بلى منكر فيه عبد الله بن عياش ضعفه أبو داود وعند مسلم أنه: ثقة، ودراج وهو كثير المناكير".
[19211]:في ف، أ: "ابن عباس".
[19212]:زيادة من ف.
[19213]:في ف: "قال".
[19214]:في أ: : فقال".
[19215]:في ف، أ: "قال".
[19216]:في ف، أ: "والكبد"
[19217]:في ف: "عليه السلام".
[19218]:ورواه ابن مردويه في تفسيره كما في الدر المنثور (5/552) من حديث جابر رضي الله عنه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ} (6)

ثم أشار إلى وجه إحداث الكائنات وتدبير أمرها بأن قصد العرش فأجرى منه الأحكام والتقادير ، وأنزل منه الأسباب على ترتيب ومقادير حسب ما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته فقال : { الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى } ليدل بذلك على كمال قدرته وإرادته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ} (6)

تقديم المجرور في قوله { له ما في السموات } للقصر ، رداً على زعم المشركين أن لآلهتهم تصرفات في الأرض ، وأن للجنّ اطلاعاً على الغيب ، ولتقرير الردّ ذكرت أنحاء الكائنات ، وهي السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى .

والثّرى : التراب . وما تحته : هو باطن الأرض كله .

وجملة { له ما في السَّموات } عطف على جملة { على العرشِ اسْتَوى } .