وقوله - سبحانه - : { فَضْلاً مِّنَ الله وَنِعْمَةً } تعليل لما مَنَّ به - سبحانه - عليهم من تزيين الإِيمان فى قلوبهم . أى : فعل ما فعل من تحبيب الإِيمان إليكم ، ومن تبغيض الكفر إلى قلوبكم ، لأجل فضله عليكم ، ورحمته بكم ، وإنعامه عليكم بالنعم التى لا تحصى .
{ والله } - تعالى - { عَلِيمٌ } بكل شئ { حَكِيمٌ } فى كل أفعاله وأقواله وتصرفاته .
وبذلك نرى الآيات الكريمة ، قد رسمت للمؤمنين أحكم الطرق فى تلقى الأخبار ، وأرشدتهم إلى مظاهر فضله عليهم ، لكى يستمروا على شكرهم له وطاعتهم لرسله .
والذي يستوقف النظر هنا هو تذكيرهم بأن الله هو الذي أراد بهم هذا الخير ، وهو الذي خلص قلوبهم من ذلك الشر : الكفر والفسوق والعصيان . وهو الذي جعلهم بهذا راشدين فضلا منه ونعمة . وأن ذلك كله كان عن علم منه وحكمة . . وفي تقرير هذه الحقيقة إيحاء لهم كذلك بالاستسلام لتوجيه الله وتدبيره ، والاطمئنان إلى ما وراءه من خير عليهم وبركة ، وترك الاقتراح والاستعجال والاندفاع فيما قد يظنونه خيرا لهم ؛ قبل أن يختار لهم الله . فالله يختار لهم الخير ، ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فيهم ، يأخذ بيدهم إلى هذا الخير . وهذا هو التوجيه المقصود في التعقيب .
وإن الإنسان ليعجل ، وهو لا يدري ما وراء خطوته . وإن الإنسان ليقترح لنفسه ولغيره ، وهو لا يعرف ما الخير وما الشر فيما يقترح . ( ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا ) . ولو استسلم لله ، ودخل في السلم كافة ، ورضي اختيار الله له ، واطمأن إلى أن اختيار الله أفضل من اختياره ، وأرحم له وأعود عليه بالخير . لاستراح وسكن . ولأمضى هذه الرحلة القصيرة على هذا الكوكب في طمأنينة ورضى . . ولكن هذا كذلك منة من الله وفضل يعطيه من يشاء .
ثم قال : { فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً } أي : هذا العطاء {[27081]} الذي منحكموه هو فضل منه عليكم ونعمة من لدنه ، { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } أي : عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية ، حكيم في أقواله وأفعاله ، وشرعه وقدره .
{ فضلا من الله ونعمة } تعليل ل { كره } أو { حبب } ، وما بينهما اعتراض لا لا { الراشدون } فإن الفضل فعل الله ، والرشد وإن كان مسببا عن فعله مسند إلى ضميرهم أو مصدر لغير فعله فإن التحبيب والرشد فضل من الله وإنعام . { والله عليم } بأحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل { حكيم } حيث يفضل وينعم بالتوفيق عليهم .
وقوله تعالى : { فضلاً من الله ونعمة } مصدر مؤكد لنفسه ، لأن ما قبله هو بمعناه ، إن التحبيب والتزيين هو نفس الفضل ، وقد يجيء المصدر مؤكداً لما قبله إذا لم يكن هو نفس ما قبله ، كقولك جاءني زيد حقاً ونحوه وكان قتادة رحمه الله يقول : قد قال الله تعالى لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : { واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم } ، وأنتم والله أسخف الناس رأياً ، وأطيش أحلاماً ، فليتهم رجل نفسه ، ولينتصح كتاب الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.