قوله : { فَضْلاً } يجوز أن ينتصب على المفعول من أجله{[52033]} . وفيما ينصبه وجهان :
أحدهما : قوله : { ولكن الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ } وعلى هذا فما بينهما اعتراض من قوله : { أولئك هُمُ الراشدون } .
والثاني : أنه الفعل الذي في قوله «الرّاشدون » . وعلى هذا يقال : فكيف جاز أن يكون فضل الله الذي هو فعل الله مفعولاً له بالنسبة إلى الرشد الذي هو فعل العبد فاختلف الفاعل ، لأن فاعَل الرُّشْدِ غير فاعل الفَضْل ؟ . وأجاب الزمخشري : بأن الرشد لما كان توفيقاً من الله تعالى كان فعل الله وكأنه تعالى أرشدهم فضلاً أي يكون متفضِّلاً عليهم ، منعماً في حقهم ، لأن الرشد عبارة عن التحبب والتَّزْيين والتكريه . وجوز أيضاً أن ينتصب بفعل مقدر ، أي جرى ذلك وكان ذلك فضلاً من الله{[52034]} . قال أبو حيان : وليس من مواضع إضمار كان ، وجعل كلامه الأول اعتزالاً{[52035]} . وليس كذلك لأنه أراد الفعل المسند إلى فاعله لفظاً وإلا فالتحقيق أن الأفعالَ كلها مخلوقة لله تعالى وإنْ كان الزمخشري غَيْرَ موافقٍ عَلَيْه .
ويجوز أن ينتصب على المصدر المؤكد لمضمون الجملة السابقة ، لأنها فضل أيضاً ، إلا أنَّ ابن عطية جعله من المصدر المؤكد لنفسه .
وجوز الحَوْفِيُّ أن ينتصب على الحال وليس بظاهر ويكون التقدير متفضلاً منعماً أو ذا فضل ونعمة{[52036]} قال ابن الخطيب : ويجوز أن يكون فضلاً مفعولاً به والفعل مضمراً دل عليه قوله تعالى : { أولئك هُمُ الراشدون } وهم يبتغون فضلاً من الله ونعمة{[52037]} ، قال : لأن قوله : فضلاً من الله إشارة إلى ما هو من جانب الله المغني . والنعمة إشارة إلى ما هو من جانب العبد من اندفاع الحاجة . وهذا يؤكد قولنا : أن ينتصب «فضلاً » بفعل مضمر وهو الابتغاء والطَّلَبُ{[52038]} .
ثم قال : { والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ } وفيه مناسبات :
منها : أنه تعالى لما ذكر نبأ الفاسق قال : فلا يعتمد على تَرْوِيجِهِ عليكم الزُّورَ فإن الله عليم ، ولا يقل كقوله المنافق : «لَوْلاَ يَعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ » فإن الله حكيم لا يفعل إلا على وَفْق حكمته .
وثانيها : لما قال تعالى : { واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ } بمعنى لا يطيعكم بل يتبع الوحي «فإن الله عليم » يعلم من يكذبه «حكيمٌ » بأمره بما تقتضيه الحكمة{[52039]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.