غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعۡمَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (8)

1

وقوله { فضلاً من الله ونعمة } كل منهما مفعول له والعامل فيهما { حبب } و { كره } ويجوز أن يكونا منصوبين عن الراشدين لأن الرشد عبارة عن التحبيب والتكريه المستندين إلى الله ، فكأن الرشد أيضاً فعله فاتحد الفاعل في الفعل والمفعول له بهذا الاعتبار . ويجوم أن يكونا مصدرين من غير لفظ الفعل وهو الرشد فكأنه قيل : فأولئك هم الراشدون رشداً لأن رشدهم إفضال وإنعام منه . قال بعض العلماء : الفضل بالنظر إلى جانب الله الغنيّ ، والنعمة بالنظر إلى جانب العبد الفقير { والله عليم } بأحوال الخلق وما بينهم من التمايز والتفاضل { حكيم } في تدابيره وأفضاله وأنعامه .

ثم علمهم حكماً آخر . في الصحيحين عن أنس أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا نبي الله لو أتيت عبد الله بن أبيّ . فانطلق إليه على حمار وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة فبال الحمار فقال : إليك عني فو الله لقد آذاني نتن حمارك . فقال عبد الله بن رواحة : والله إن بول حماره أطيب ريحاً منك فغضب لعبد الله رجل من قومه وغضب لكل واحد منهما أصحابه فوقع بينهم حرب بالجريد والأيدي والنعال فأنزل الله فيهم : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } .

/خ18