الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعۡمَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (8)

و { فَضْلاً } مفعول له ، أو مصدر من غير فعله

فإن قلت : من أين جاز وقوعه مفعولاً له ، والرشد فعل القوم ، والفضل فعل الله تعالى ، والشرط أن يتحد الفاعل . قلت : لما وقع الرشد عبارة عن التحبيب والتزيين والتكريه ، مسندة إلى اسمه تقدست أسماؤه : صار الرشد كأنه فعله ، فجاز أن ينتصب عنه أو لا ينتصب عن الراشدون ، ولكن عن الفعل المسند إلى اسم الله تعالى ، والجملة التي هي { أُوْلَئِكَ هُمُ الراشدون } اعتراض . أو عن فعل مقدر ، كأنه قيل : جرى ذلك ، أو كان ذلك فضلاً من الله . وأما كونه مصدراً من غير فعله ، فأن يوضع موضع رشداً ؛ لأنّ رشدهم فضل من الله لكونهم موفقين فيه ، والفضل والنعمة بمعنى الإفضال والإنعام { والله عَلِيمٌ } بأحوال المؤمنين وما بينهم من التمايز والتفاضل { حَكِيمٌ } حين يفضل وينعم بالتوفيق على أفاضلهم .