تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

{ 37 - 40 } { رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا * يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا }

أي : الذي أعطاهم هذه العطايا هو ربهم { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } الذي خلقها ودبرها { الرَّحْمَنِ } الذي رحمته وسعت كل شيء ، فرباهم ورحمهم ، ولطف بهم ، حتى أدركوا ما أدركوا .

ثم ذكر عظمته وملكه العظيم يوم القيامة ، وأن جميع الخلق كلهم ذلك اليوم ساكتون لا يتكلمون و { لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

وقوله : { رَّبِّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمن . . . } قرأه بعضهم بجر لفظ " رب " على أنه بدل " من ربك " وقرأه البعض الآخر بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف .

أى : هذا الجزاء العظيم للمتقين هو كائن من ربك ، الذى هو رب أهل السموات وأهل الأرض ، ورب ما بينهما من مخلوقات لا يعلمها إلا هو ، وهو - سبحانه - صاحب الرحمة الواسعة العظيمة التى لا تقاربها رحمة . .

وقوله : { لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } مقرر ومؤكد لما قبله ، من كونه - تعالى - هو رب كل شئ . أى : أهل السموات والأرض وما بينهما ، خاضعون ومربوبون لله - تعالى - الواحد القهار ، الذى لا يقدر أحد منهم - كائنا من كان - أن يخاطبه إلا بإذنه ، ولا يملك أن يفعل ذلك إلا بمشيئته .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } وقوله - سبحانه - : { يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

وتكملة لمشاهد اليوم الذي الذي يتم فيه ذلك كله ، والذي يتساءل عنه المتسائلون ، ويختلف فيه المختلفون . يجيء المشهد الختامي في السورة ، حيث يقف جبريل " عليه السلام " والملائكة صفا بين يدي الرحمن خاشعين . لا يتكلمون - إلا من أذن له الرحمن - في الموقف المهيب الجليل :

( رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا . يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) . .

ذلك الجزاء الذي فصله في المقطع السابق : جزاء الطغاة وجزاء التقاة . هذا الجزاء ( من ربك ) . . ( رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن ) . . فهي المناسبة المهيأة لهذه اللمسة ولهذه الحقيقة الكبيرة . حقيقة الربوبية الواحدة التي تشمل الإنسان . كما تشمل السماوات والأرض ، وتشمل الدنيا والآخرة ، وتجازي على الطغيان والتقوى ، وتنتهي إليها الآخرة والأولى . . ثم هو( الرحمن ) . . ومن رحمته ذلك الجزاء لهؤلاء وهؤلاء . حتى عذاب الطغاة ينبثق من رحمة الرحمن . ومن الرحمة أن يجد الشر جزاءه وألا يتساوى مع الخير في مصيره !

ومع الرحمة والجلال : ( لا يملكون منه خطابا ) . . في ذلك اليوم المهيب الرهيب :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

يخبر تعالى عن عظمته وجلاله ، وأنه رب السموات والأرض وما فيهما وما بينهما ، وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء .

وقوله : { لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } أي : لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه ، كقوله : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] ، وكقوله : { يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ } [ هود : 105 ]

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

وقوله : رَبّ السّمَواتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما الرّحْمَنِ يقول جلّ ثناؤه : جزاء من ربك ربّ السموات السبع والأرض وما بينهما من الخلق .

واختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة : «رَبّ السّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما الرّحْمَنُ » بالرفع في كليهما . وقرأ ذلك بعضُ أهل البصرة وبعضُ الكوفيين : رَبّ خفضا «والرّحْمَنُ » رفعا ولكلّ ذلك عندنا وجه صحيح ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب ، غير أن الخفض في الربّ ، لقربه من قوله جَزَاءً مِنْ رَبّكَ : أعجب إليّ ، وأما الرّحْمَنُ بالرفع ، فإنه أحسن ، لبعده من ذلك .

وقوله : الرّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطابا يقول تعالى ذكره : الرحمن لا يقدر أحد من خلقه خطابه يوم القيامة ، إلا من أذن له منهم ، وقال صوابا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خطابا قال : كلاما .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لا يَمْلِكُونَ مِنْه خِطابا : أي كلاما .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطابا قال : لا يملكون أن يخاطبوا الله ، والمخاطِب : المخاصم الذي يخاصم صاحبه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

وقرأ نافع وأبو عمرو والأعرج وأبو جعفر وشيبة وأهل الحرمين : «ربُّ » بالرفع ، وكذلك «الرحمنُ » ، وقرأ ابن عامر وعاصم وابن مسعود وابن أبي إسحاق وابن محيصن والأعمش «رب » وكذلك «الرحمن » وقرأ حمزة والكسائي «ربِّ » : بالخفض و «الرحمنُ » بالرفع وهي قراءة الحسين وابن وثاب وابن محيصن بخلاف عنه ووجوه هذه القراءات بينة ، وقوله تعالى : { لا يملكون } الضمير للكفار أي { لا يملكون } من أفضاله وأجماله أن يخاطبوه بمعذرة ولا غيرها ، وهذا في مواطن خاص .