فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

{ رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمنُ } . قرأ ابن مسعود ونافع وأبو عمرو وابن كثير وزيد عن يعقوب والمفضل عن عاصم برفع ( ربُّ ) و ( الرحمن ) على أن ربّ مبتدأ والرحمن خبره أو على أن ربّ خبر مبتدأ مقدّر : أي هو ربّ ، والرحمن صفته ، و{ لا يملكون } خبر ربّ ، أو على أن ربّ مبتدأ ، والرحمن مبتدأ ثان ، ولا يملكون خبر المبتدأ الثاني ، والجملة خبر المبتدأ الأوّل . وقرأ يعقوب في رواية عنه وابن عامر وعاصم في رواية عنه بخفضهما على أن ربّ بدل من ربك ، والرحمن صفة له . وقرأ ابن عباس وحمزة والكسائي بخفض الأوّل على البدل ، ورفع الثاني على أنه خبر متبدأ محذوف : أي هو الرحمن ، واختار هذه القراءة أبو عبيد وقال هذه القراءة أعدلها ، فخفض «ربَّ » لقربه من ربك ، فيكون نعتاً له ورفع «الرَّحْمَنُ » لبعده منه على الاستئناف ، وخبره { لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } أي لا يملكون أن يسألوا إلاّ فيما أذن لهم فيه ، وقال الكسائي : لا يملكون منه خطاباً بالشفاعة إلاّ بإذنه ، وقيل : الخطاب الكلام : أي لا يملكون أن يخاطبوا الربّ سبحانه إلاّ بإذنه ، دليله { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ هود : 105 ] وقيل : أراد الكفار ، وأما المؤمنون فيشفعون . ويجوز أن تكون هذه الجملة في محل نصب على الحال على ما تقدّم بيانه ، ويجوز أن تكون مستأنفة مقرّرة لما تفيده الربوبية من العظمة والكبرياء .

/خ40