جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

وقوله : رَبّ السّمَواتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما الرّحْمَنِ يقول جلّ ثناؤه : جزاء من ربك ربّ السموات السبع والأرض وما بينهما من الخلق .

واختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة : «رَبّ السّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما الرّحْمَنُ » بالرفع في كليهما . وقرأ ذلك بعضُ أهل البصرة وبعضُ الكوفيين : رَبّ خفضا «والرّحْمَنُ » رفعا ولكلّ ذلك عندنا وجه صحيح ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب ، غير أن الخفض في الربّ ، لقربه من قوله جَزَاءً مِنْ رَبّكَ : أعجب إليّ ، وأما الرّحْمَنُ بالرفع ، فإنه أحسن ، لبعده من ذلك .

وقوله : الرّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطابا يقول تعالى ذكره : الرحمن لا يقدر أحد من خلقه خطابه يوم القيامة ، إلا من أذن له منهم ، وقال صوابا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خطابا قال : كلاما .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لا يَمْلِكُونَ مِنْه خِطابا : أي كلاما .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطابا قال : لا يملكون أن يخاطبوا الله ، والمخاطِب : المخاصم الذي يخاصم صاحبه .