الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

قوله : { رَّبِّ السَّمَاوَاتِ } : قرأ نافع وابن كثير وأبو عمروٍ برفع " ربُّ السماواتِ " و " الرحمنُ " . وابن عامر وعاصم بخفضِها ، والأخَوان بخفض الأولِ ورَفْعِ الثاني . فأمَّا رَفْعُهما فيجوزُ مِنْ أوجهٍ ، أحدها : أَنْ يكونَ " ربُّ " خبرَ مبتدأ مضمرٍ ، أي : هو ربُّ . و " الرحمنُ " كذلك ، أو مبتدأٌ خبرُه " لا يَمْلِكون " . الثاني : أَنْ يُجْعَلَ " ربُّ " مبتدأً ، و " الرحمنُ " خبرُه ، و " لا يَمْلِكون " خبرٌ ثانٍ ، أو مستأنفٌ . الثالث : أَنْ يكونَ " ربُّ " مبتدأً أيضاً و " الرحمنُ " نعتُه ، و " لا يَمْلِكون " خبرُ " رَبُّ " . الرابع : أنْ يكونَ " رَبُّ " مبتدأ ، و " الرحمنُ " مبتدأٌ ثانٍ ، و " لا يَمْلِكون " خبرُه ، والجملةُ خبرُ الأولِ . وحَصَلَ الرَّبْطُ بتكريرِ المبتدأ بمعناه ، وهو رأيُ الأخفش . ويجوزُ أَنْ يكونَ " لا يَمْلكون " حالاً ، وتكونُ لازمةً .

وأمَّا جَرُّهما فعلى البدل ، أو البيانِ ، أو النعتِ ، كلاهما للأول ، إلاَّ أنَّ تكريرَ البدلِ فيه نظرٌ ، وقد نَبَّهْتُ على ذلك في أواخر هذا الموضوع ، آخرِ الفاتحةِ ، أو يُجْعَلُ " ربِّ السماواتِ " تابعاً للأولِ ، و " الرحمن " تابعاً للثاني على ما تقدَّم . وأمَّا جَرُّ الأولِ فعلى التبعيَّةِ للأولِ ، ورفعُ الثاني فعلى الابتداءِ ، والخبرُ الجملةُ الفعليةُ ، أو على أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ ، و " لا يَمْلِكون " على ما تقدَّم من الاستئنافِ ، أو الخبرِ الثاني ، أو الحالِ اللازمةِ .