تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

{ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا } في اليم الذي أحاط بهم { فَأُدْخِلُوا نَارًا } فذهبت أجسادهم في الغرق وأرواحهم للنار والحرق ، وهذا كله بسبب خطيئاتهم ، التي أتاهم نبيهم نوح ينذرهم عنها ، ويخبرهم بشؤمها ومغبتها ، فرفضوا ما قال ، حتى حل بهم النكال ، { فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا } ينصرونهم حين نزل بهم الأمر الأمر ، ولا أحد يقدر يعارض القضاء والقدر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

وقوله - سبحانه - : { مِّمَّا خطيائاتهم أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ الله أَنصَاراً } كلام معترض بين ضراعات نوح إلى ربه ، والمقصود به التعجيل ببيان سوء عاقبتهم ، والتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه .

و " من " فى قوله { مِّمَّا خطيائاتهم } للتعليل ، و " ما " مزيدة لتأكيد هذا التعليل .

والخطيئات جمع خطيئة ، والمراد بها هنا : الإِشراك به - تعالى - وتكذيب نوح - عليه السلام - والسخرية منه ومن المؤمنين .

أى : بسبب خطيئاتهم الشنيعة ، وليس بسبب آخر { أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً } يصلون سعيرها فى قبورهم إلى يوم الدين ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .

وهم عندما نزل بهم الطوفان الذى أهلكهم ، وعندما ينزل بهم عذاب الله فى الآخرة . لن يجدوا أحدا ينصرهم ويدفع عنهم عذابه - تعالى - لامن الأصنام التى تواصوا فيما بينهم بالعكوف على عبادتها ، ولا من غير هذه الأصنام .

فالآية الكريمة تعريض بمشركى قريش ، الذين يزعمون أن أصنامهم ستشفع لهم يوم القيامة ، والذين حكى القرآن عنهم قولهم : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى } والتعبير بالفاء فى قوله : { أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ الله أَنصَاراً } للإشعار بأن دخولهم النار كان فى أعقاب غرقهم بدون مهلة ، وبأن صراخهم وعويلهم كان بعد نزول العذاب بهم مباشرة ، إلا أنهم لم يجدوا أحدا ، يدفع عنهم شيئا من هذا العذاب الأليم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

وقبل أن يعرض السياق بقية دعاء نوح - عليه السلام - يعرض ما صار إليه الظالمون الخاطئون في الدنيا والآخرة جميعا ! فأمر الآخرة كأمر الدنيا حاضر بالقياس إلى علم الله ، وبالقياس إلى الوقوع الثابت الذي لا تغيير فيه :

( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا . فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) .

فبخطيئاتهم وذنوبهم ومعصياتهم أغرقوا فأدخلوا نارا . والتعقيب بالفاء مقصود هنا ، لأن إدخالهم النار موصول بإغراقهم ؛ والفاصل الزمني القصير كأنه غير موجود ، لأنه في موازين الله لا يحسب شيئا . فالترتيب مع التعقيب كائن بين إغراقهم في الأرض وإدخالهم النار يوم القيامة . وقد يكون هو عذاب القبر في الفترة القصيرة بين الدنيا والآخرة . . ( فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) . .

لا بنون ولا مال ولا سلطان ولا أولياء من الآلهة المدعاة !

وفي آيتين اثنتين قصيرتين ينتهي أمر هؤلاء العصاة العتاة ، ويطوي ذكرهم من الحياة ! وذلك قبل أن يذكر السياق دعاء نوح عليهم بالهلاك والفناء . . ولا يفصل هنا قصة غرقهم ، ولا قصة الطوفان الذي أغرقهم . لأن الظل المراد إبقاؤه في هذا الموقف هو ظل الإجهاز السريع ، حتى ليعبر المسافة بين الإغراق والإحراق في حرف الفاء ! على طريقة القرآن في إيقاعاته التعبيرية والتصويرية المبدعة . فنقف نحن في ظلال السياق لا نتعداها إلى تفصيل قصة الإغراق . . ولا الإحراق . . !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

يقول تعالى : { مِمَّا خَطايَاهُمْ } وقرئ : { خَطِيئَاتِهِمْ } { أُغْرِقُوا } أي : من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم { أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا } أي : نقلوا من تيار البحار{[29358]} إلى حرارة النار ، { فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا } أي : لم يكن لهم معين ولا مُغيث ولا مُجير ينقذهم من عذاب الله كقوله : { قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ } [ هود : 43 ] .


[29358]:- (2) في م: "البحر".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { مّمّا خَطِيَئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مّن دُونِ اللّهِ أَنصَاراً * وَقَالَ نُوحٌ رّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيّاراً } .

يعني تعالى ذكره بقوله : مِمّا خَطِيئاتِهِمْ من خطيئاتهم أُغْرِقُوا . والعرب تجعل «ما » صلة فيما نوى به مذهب الجزاء ، كما يقال : أينما تكن أكن ، وحيثما تجلس أجلس ، ومعنى الكلام : من خطيئاتهم أُغرقوا . وكان ابن زيد يقول في ذلك . ما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مِمّا خَطِيئاتِهِمْ قال : فبخطيئاتهم أُغْرِقُوا فأدخلوا نارا ، وكانت الباء ههنا فصلاً في كلام العرب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قوله : مِمّا خَطِيئاتِهِم أُغُرِقُوا قال : بخطيئاتهم أُغرقوا .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : مِمّا خَطِيئاتِهِمْ فقرأته عامة قرّاء الأمصار غير أبي عمرو مِمّا خَطِيئاتِهِمْ بالهمز والتاء ، وقرأ ذلك أبو عمرو : «مِما خَطاياهُمْ » بالألف بغير همز .

والقول عندنا أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فهو مصيب .

وقوله : فأُدْخِلُوا نارا جهنم فَلَمْ يَجدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ أنْصَارا تقتصّ لهم ممن فعل ذلك بهم ، ولا تحول بينهم وبين ما فعل بهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

مما خطيئاتهم من أجل خطيئاتهم وما مزيدة للتأكيد والتفخيم وقرأ أبو عمرو مما خطاياهم أغرقوا بالطوفان فأدخلوا نارا المراد عذاب القبر أو عذاب الآخرة والتعقيب لعدم الاعتداد بما بين الإغراق والإدخال أو لأن المسبب كالمتعقب للسبب وإن تراخى عنه لفقد شرط أو وجود مانع وتنكير النار للتعظيم أو لأن المراد نوع من النيران فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا تعريض لهم باتخاذ آلهة من دون الله لا تقدر على نصرهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

وقوله تعالى : { مما خطيئاتهم } ابتداء إخبار من الله تعالى لمحمد عليه السلام ، أي أن دعوة نوح أجيبت فآل أمرهم إلى هذا ، و «ما » الظاهرة : في قوله { مما } زائدة فكأنه قال : من خطيئاتهم أغرقوا وهي لابتداء الغاية ، وقرأ «مما خطيئتهم » على الإفراد الجحدري والحسن ، وقرأ أبو عمرو وحده والحسن وعيسى والأعرج وقتادة بخلاف عنهم «مما خطاياهم » على تكسير الجمع . وقال : { فأدخلوا ناراً } يعني جهنم ، وعير عن ذلك بفعل الماضي من حيث الأمر متحقق . وقيل أراد عرضهم على النار غدواً وعشياً عبر عنهم بالإدخال . وقوله : { فلم يجدوا } أي لم يجد المغرقون أحداً سوى الله ينصرهم ويصرف عنهم بأس الله تعالى .