تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا} (41)

{ 41-44 } { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا * قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا * تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }

يخبر تعالى أنه صرف لعباده في هذا القرآن أي : نوع الأحكام ووضحها وأكثر من الأدلة والبراهين على ما دعا إليه ، ووعظ وذكر لأجل أن يتذكروا ما ينفعهم فيسلكوه وما يضرهم فيدعوه .

ولكن أبى أكثر الناس إلا نفورا عن آيات الله لبغضهم للحق ومحبتهم ما كانوا عليه من الباطل حتى تعصبوا لباطلهم ولم يعيروا آيات الله لهم سمعا ولا ألقوا لها بالا .

ومن أعظم ما صرف فيه الآيات والأدلة التوحيد الذي هو أصل الأصول ، فأمر به ونهى عن ضده وأقام عليه من الحجج العقلية والنقلية شيئا كثيرا بحيث من أصغى إلى بعضها لا تدع في قلبه شكا ولا ريبا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا} (41)

ثم بين - سبحانه - أن هذا القرآن الذى أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قد اشتمل على ألوان متعددة من الهدايات والآداب والأحكام ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا القرآن لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } .

وقوله - تعالى - : { صرفنا } من التصريف وهو فى الأصل صرف الشئ من حالة إلى أخرى ، ومن جهة إلى أخرى .

والمراد به هنا : بينا ، وكررنا ، ومفعوله محذوف للعلم به .

والمعنى : ولقد بينا وكررنا فى هذا القرآن أنواعا من الوعد والوعيد ، والقصص ، والأمثال ، والمواعظ والأخبار ، والآداب والتشريعات ، ليتذكر هؤلاء الضالون ويتعظوا ويعتبروا ، ويوقنوا بأنه من عند الله - تعالى - فيهديهم ذلك إلى اتباع الحق ، والسير فى الطريق القويم .

وقوله - تعالى - : { وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } تصوير بديع لإِصرارهم على كفرهم وعنادهم ، وإيثارهم الغى على الرشد .

والنفور : التباعد والإِعراض عن الشئ . يقال : نفرت الدابة تنفر - بكسر الفاء وضمها - نفورا ، إذا جزعت وتباعدت وشردت .

أى : وما يزيدهم هذا البيان والتكرار الذى اشتمل عليه القرآن الكريم ، إلا تباعدا عن الحق ، وإعراضا عنه ، وعكوفا على باطلهم ، بسبب جحودهم وعنادهم وحسدهم للرسول صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله .

وكان بعض الصالحين إذا قرأ هذه الآية قال : زادنى لك خضوعا ، ما زاد أعداءك نفورا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا} (41)

40

( ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا ، وما يزيدهم إلا نفورا ) . .

فقد جاء القرآن بالتوحيد ، وسلك إلى تقرير هذه العقيدة وإيضاحها طرقا شتى ، وأساليب متنوعة ، ووسائل متعددة ( ليذكروا ) فالتوحيد لا يحتاج إلى أكثر من التذكر والرجوع إلى الفطرة ومنطقها ، وإلى الآيات الكونية ودلالتها ؛ ولكنهم يزيدون نفورا كلما سمعوا هذا القرآن . نفورا من العقيدة التي جاء بها ، ونفورا من القرآن ذاته خيفة أن يغلبهم على عقائدهم الباطلة التي يستمسكون بها . عقائد الشرك والوهم والترهات .