تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

ولهذا ، لما عرضت عليه الخيل الجياد السبق الصافنات أي : التي من وصفها الصفون ، وهو رفع إحدى قوائمها عند الوقوف ، وكان لها منظر رائق ، وجمال معجب ، خصوصا للمحتاج إليها كالملوك ، فما زالت تعرض عليه حتى غابت الشمس في الحجاب ، فألهته عن صلاة المساء وذكره .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

و " إذ " فى قوله : { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بالعشي الصافنات الجياد } منصوب بفعل تقديره : اذكر ، و " عليه " متعلق بعُرِض و " العشى " يطلق على الزمان الكائن من زوال الشمس إلى آخر النهار . وقيل إلى مطلع الفجر .

والصافنات : جمع صافن ، والصافن من الخيل : الذى يقف على ثلاثة أرجل ويرفع الرابعة فيقف على مقدم حافرها .

والجياد : جمع جواد ، وهو الفرس السريع العدو ، الجيد الركض ، سواء أكان ذاكراً أم أنثى ، يقال : جاد الفرس يجود جُودَة فهو جواد ، إذا كان سريع الجرى ، فاره المظهر . .

أى : اذكر - أيها العاقل - ما كان من سليمان - عليه السلام - وقت أن عرض عليه بالعشى الخيول الجميلة الشكل . السريعة العدو .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت . ما معنى وصفها بالصفون ؟ قلت : الصفون لا يكاد يوجد فى الهجن ، وإنما هو فى - الخيل - العراب الخلص وقيل : وصفها بالصفون والجودة ، ليجمع لها بين الوصفين المحمودين : واقفة وجارية ، يعنى إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة فى مواقفها ، وإذا جرت كانت سراعا خفافا فى جريها . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

وقوله : ( إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بالعَشِيّ الصّافناتُ الجِيادُ ) يقول تعالى ذكره : إنه توّاب إلى الله من خطيئته التي أخطأها ، ( إذ عرض عليه بالعشيّ الصافنات ) : فإذ من صلة أوّاب ، والصافنات : جمع الصافن من الخيل ، والأنثى : صافنة ، والصافن منها عند بعض العرب : الذي يجمع بين يديه ، ويثني طرف سُنْبك إحدى رجليه ، وعند آخرين : الذي يجمع يديه . وزعم الفراء أن الصافن : هو القائم ، يقال منه : صَفَنَتِ الخيلُ تَصْفِن صُفُونا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( الصّافِناتُ الجِيادُ ) قال : صُفُون الفرس : رَفْعُ إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : صَفَنَ الفرسُ : رفع إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بالعَشِيّ الصّافِناتُ الجِيادُ ) يعني : الخيل ، وصُفونها : قيامها وبَسْطها قوائمها .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : الصافنات ، قال : الخيل .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( الصّافِناتُ الجِيادُ ) قال : الخيل أخرجها الشيطان لسليمان ، من مَرْج من مروج البحر . قال : الخيل والبغال والحمير تَصْفِن ، والصّفْن أن تقول على ثلاث ، وترفع رجلاً واحدة حتى يكون طرف الحافر على الأرض .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الصافنات : الخيل ، وكانت لها أجنحة .

وأما الجياد ، فإنها السّراع ، واحدها : جواد ، كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الجياد : قال : السّراع .

وذُكر أنها كانت عشرين فرسا ذوات أجنحة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن إبراهيم التيمي ، في قوله : ( إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بالعَشِيّ الصّافِناتُ الجِيادُ ) قال : كانت عشرين فرسا ذات أجنحة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

واختلف الناس في قصص هذه الخيل المعروضة ، فقال الجمهور : إن سليمان عليه السلام عرضت عليه آلاف من الخيل تركها أبوه له ، وقيل : ألف واحد فأجريت بين يديه عشاء ، فتشاغل بحسنها وجريها ومحبتها حتى فاته وقت صلاة العشاء . قال قتادة : صلاة العصر ونحوه عن علي بن أبي طالب ، فأسف لذلك ، وقال : ردوا علي الخيل . قال الحسن : فطفق يضرب أعناقها وعراقيبها بالسيف عقراً لما كانت سبب فوت الصلاة ، فأبدله الله أسرع منها : الريح . وقال قوم منهم الثعلبي : كانت بالناس مجاعة ولحوم الخيل لهم حلال ، فإنما عقرها لتؤكل على وجه القربة لها ونحو الهدي عندنا ، ونحو هذا ما فعله أبو طلحة الأنصاري بحائطه إذ تصدق به لما دخل عليه الدبسي في الصلاة فشغله .

و «الصافن » : الفرس الذي يرفع إحدى يديه ويقف على طرف سنبكه ، وقد يفعل ذلك برجله ، وهي علامة الفراهة ، وأنشد الزجاج : [ الكامل ]

ألف الصفون فلا يزال كأنه***مما يقوم على الثلاث كسيرا

وقال أبو عبيدة : «الصافن الذي يجمع يديه ويسويها ، وأما الذي يقف على طرف السنبك فهو المخيم . وفي مصحف ابن مسعود : » الصوافن الجياد « . و { الجياد } جمع جود ، كثوب وثياب ، وسمي به لأنه يجود بجريه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

يتعلق { إذْ عُرِضَ } ب { أوَّابٌ } [ ص : 30 ] . وتعليق هذا الظرف ب { أوَّابٌ } تعليق تعليل لأن الظروف يراد منها التعليل كثيراً لظهور أن ليس المراد أنه أوّاب في هذه القصة فقط لأن صيغة أوّاب تقتضي المبالغة . والأصل منها الكثرة فتعين أن ذكر قصة من حوادث أوبته كان لأنها ينجَلي فيها عِظم أوبته . والعَرض : الإِمرار والإِحضار أمام الرائِي ، أي عرَض سُواس خيله إياها عليه .

والعَشيّ : من العصر إلى الغروب . وتقدم في قوله : { بالغداة والعشي } في سورة [ الأنعام : 52 ] . وذلك وقت افتقاد الخيل والماشية بعد رواحها من مراعيها ومراتعها . وذكر العشي هنا ليس لمجرد التوقيت بل ليبنى عليه قوله : { حتَّى توارتْ بالحجابِ ، } فليس ذكر العشيّ في وقع هذه الآية كوقعه في قول عمرو بن كلثوم :

ملوك من بني جشم بن بكر *** يساقون العشيةَ يُقتلونــا

و { الصافنات } : وصف لموصوف محذوف استغنى عن ذكره لدلالة الصفة عليه لأن الصافن لا يكون إلا من الخيل والأفراس وهو الذي يقف على ثلاث قوائم وطرف حافر القائمة الرابعة لا يمكّن القائمة الرابعة من الأرض ، وتلك من علامات خفته الدالة على كرم أصل الفرس وحسن خلاله ، يقال : صفن الفرس صُفوناً ، وأنشده ابن الأعربي والزجّاج في صفة فرس :

ألفَ الصُّفون فلا يزال كأنه *** مما يقوم على الثلاثِ كَسيرا

{ الجِياد } : جمع جواد بفتح الواو وهو الفرس ذو الجَودة ، أي النفاسة ، وكان سليمان مولَعاً بالإِكثار من الخيل والفرسان ، فكانت خيله تعد بالآلاف .