يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ أي : اخترتك واجتبيتك وفضلتك وخصصتك بفضائل عظيمة ، ومناقب جليلة ، بِرِسَالاتِي التي لا أجعلها ، ولا أخص بها إلا أفضل الخلق .
وَبِكَلامِي إياك من غير واسطة ، وهذه فضيلة اختص بها موسى الكليم ، وعرف بها من بين إخوانه من المرسلين ، فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ من النعم ، وخذ ما آتيتك من الأمر والنهي بانشراح صدر ، وتلقه بالقبول والانقياد ، وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ لله على ما خصك وفضلك .
ثم حكى القرآن بعد ذلك ما كرم الله - تعالى - به موسى - عليه السلام فقال : { قَالَ ياموسى إِنِّي اصطفيتك عَلَى الناس بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي } .
الاصطفاء . افتعال من الصفوة ، وصفوة الشىء خالصة وخياره أى : قال الله تعالى - لموسى إنى اخترتك واجتبيتك على الناس الموجودين في زمانك لأن الرسل كانوا قبل موسى وبعده ، فهو اصطفاء على جيل معين من الناس بحكم هذه القرينة .
وقوله { بِرِسَالاَتِي } أى : بأسفار التوراة ، أو بإرسالى إياك إلى من أرسلت إليهم . و { بِكَلاَمِي } أى : بتكليمى إياك بغير واسطة قال - تعالى - { وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً } والجملة الكريمة مسوقة لتسليته - عليه السلام - عما أصابه من عدم الرؤية فكأنه - سبحانه - يقول له : إن منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم العظام ما أعطيتك فاغتنمه ودم على شكرى .
وقدم الرسالة على الكلام لأنها أسبق ، أو ليترقى إلى الأشرف .
ثم قال - تعالى - { فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مِّنَ الشاكرين } أى : فخذ يا موسى ما أعطيتك من شرف الاصطفاء والنبوة والمناجاة وكن من الراسخين في الشكر على ما أنعمت به عليك ، فأنت أسوة وقدوة لأهل زمانك .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ يَمُوسَىَ إِنّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مّنَ الشّاكِرِينَ } . .
يقول تعالى ذكره : قال الله لموسى : يا مُوسَى إنّي اصْطَفَيْتُكَ على النّاسِ يقول : اخترتك على الناس بِرَسالاتِي إلى خلقي ، أرسلتك بها إليهم . وَبِكَلامي كلمتك وناجيتك دون غيرك من خلقي . فَخُذْ ما آتَيْتُكَ يقول : فخذ ما أعطيتك من أمري ونهي وتمسك به ، واعمل به ، يريد وكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ لله على ما آتاك من رسالته ، وحصل به من النجوى بطاعته في أمره ونهيه والمسارعة إلى رضاه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.