{ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ْ }
هذه الحالة الثالثة بين الزوجين ، إذا تعذر الاتفاق فإنه لا بأس بالفراق ، فقال : { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا ْ } أي : بطلاق أو فسخ أو خلع أو غير ذلك { يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا ْ } من الزوجين { مِنْ سَعَتِهِ ْ } أي : من فضله وإحسانه الواسع الشامل . فيغني الزوج بزوجة خير له منها ، ويغنيها من فضله وإن انقطع نصيبها من زوجها ، فإن رزقها على المتكفل بأرزاق جميع الخلق ، القائم بمصالحهم ، ولعل الله يرزقها زوجا خيرا منه ، { وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا ْ } أي : كثير الفضل واسع الرحمة ، وصلت رحمته وإحسانه إلى حيث وصل إليه علمه .
ولكنه مع ذلك { حَكِيمًا ْ } أي : يعطي بحكمة ، ويمنع لحكمة . فإذا اقتضت حكمته منع بعض عباده من إحسانه ، بسبب من العبد لا يستحق معه الإحسان ، حرمه عدلا وحكمة .
وبعد أن رغب - سبحانه - فى الصلح بين الزوجين وحض عليه ، وأمر الأزواج بالعدل بين لأن الزوجات بالقدر الذى يستطيعونه ، عقب ذلك ببيان أن التفرقة بينهما جائزة إذا لم يكن منها بد . لأن التفرقة مع الإِحسان خير من المعاشرة فقال - تعالى - { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ الله كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ الله وَاسِعاً حَكِيماً } .
وإن عز الصلح بين الزوجين واختارا الفراق تخوفا من ترك حقوق الله التى أوجبها على كل واحد منهما { يُغْنِ الله كُلاًّ } منهما { مِّن سَعَتِهِ } أى يجعل كل واحد منهما مستغنيا عن الآخر { وَكَانَ الله وَاسِعاً حَكِيماً } أى : وكان الله - تعالى - وما يزال واسعا أى واسع الغنى والرحمة والفضل { حَكِيماً } فى جميع أفعاله وأحكامه .
وبهذا نرى أن هذه الآيات الكريمة قد وضعت أحكم الأسس للحياة الزوجية السليمة ، وعالجت أمراضها بالعلاج الشافى الحكيم ، فقد أمرت الرجال بأن يؤدوا للنساء حقوقهن ، وأن يعاشروهن بالمعروف ، وأن على الزوجين إذا ما دب بينهما خلاف أن يعالجاه فيما بينها بالتصالح والتسامح ، وإذا اقتضى الأمر أن يتنازل أحدهما للآخر عن جانب من حقوقه فليفعل من أجل الإِبقاء على الحياة الزوجية . وأن الرجل لا يستطيع أن يعدل عدلا مطلقا كاملا بين زوجاته ، ولكن هذا لا يمنعه من العدل بينهن بالقدر الذى يستطيعه بدون تقصير أو ميل مع الهوى ، فإن الميسور لا يسقط بالمعسور . وأنه إذا استحال الصلح وتنافرت الطباع ، وساءت العشرة كان الفراق بينهما أجدى ، إذ الفراق مع الإِحسان خير من الإِمساك مع المعاشرة السيئة التى عز معها الإِصلاح والوفاق والتقارب بين القلوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.