بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة ص مكية وهي ثمانون وثمان آيات .

قوله تعالى : { ص والقرآن } قرأ الحسن : صاد بالكسر . وجعلها من المصادات . يقول عارض القرآن : أي عارض عملك بالقرآن . ويقال : بقلبك . وروى معمر ، عن قتادة ، في قوله { ص } قال : هو كما تقول تلق كذا أي : هيىء نفسك لقدوم فلان . يعني : طهر نفسك بآداب القرآن كما قال صلى الله عليه وسلم : «القُرْآنُ مَأْدُبَةُ الله تَعَالَى فَتَطَّعمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ » وكان عيسى ابن مريم يعمر ، يقرأ صَادَ بالنصب ، وكذلك يقرأ قاف ، ونون بالنصب . ومعناه : اقرأ صاد ، وقراءة العامة بسكون الدال ، لأنها حروف هجاء ، فلا يدخلها الإعراب ، وتقديرها الوقف عليها . وقيل : في تفسير قول الله تعالى : { ص } يعني : الله هو الصادق . ويقال : هو قسم . { والقرآن } عطف عليه قسم بعد قسم . ومعناه أقسمت بصاد ، وبالقرآن . وقال علي بن أبي طالب : الصاد اسم بحر في السماء . وقال ابن مسعود في قوله : { ص والقرآن } يعني : صادقوا القرآن حتى تعرفوا الحق من الباطل . وقال الضحاك : معناه صدق الله .

ثم قال { والقرآن ذِي الذكر } يعني : والقرآن ذي الشرف . ويقال : فيه ذكر من كان قبله ، وجواب القسم عند قوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار } [ ص : 64 ] والجواب قد يكون مؤخراً عن الكلام كما قال : { والفجر وَلَيالٍ عَشْرٍ } [ الفجر : 1 ، 2 ] وجوابه قوله : { إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد } [ الفجر : 14 ] وقوله : { والسماء ذَاتِ البروج } [ البروج : 1 ] وجوابه قوله : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } [ البروج : 12 ] وقال بعضهم : جواب القسم هاهنا { كَمْ أَهْلَكْنَا } ومعناه : لكم أهلكنا ، فلما طال الكلام حذف اللام .