بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ۩} (24)

{ قَالَ } داود { لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجِهِ } أي : مع نعاجه { وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الخلطاء } يعني : من الإخوان والشركاء { لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ } يعني : ليظلم بعضهم بعضاً { إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } فإنهم لا يظلمون { وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ } يعني : قليل منهم الذين لا يظلمون . فلما قضى بينهما داود عليه السلام أحب أن يعرفهما ، فصعد إلى السماء حيال وجهه { وَظَنَّ دَاوُدُ } يعني : علم داود . ويقال : ظن بمعنى أيقن . إلا أنه ليس بيقين عياناً ، لأن العيان لا يقال فيه إلا العلم . { أَنَّمَا فتناه } يعني : ابتليناه ، واختبرناه . ويقال : إنهما ضحكا ، وذهبا . فعلم داود أن الله عز وجل ابتلاه بذلك . وروي عن أبي عمرو في بعض الروايات أنه قرأ { أَنَّمَا فتناه } بالتخفيف ، ومعناه ظن أن الملكين اختبراه ، وامتحناه في الحكم وقراءة العامة { فتناه } بالتشديد يعني : أن الله عز وجل قد اختبره ، وامتحنه بالملكين . { فاستغفر رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } يعني : { وَخَرَّ } وقع راكعاً ساجداً { وَأَنَابَ } يعني : أقبل إلى طاعة الله تعالى بالتوبة . وروى عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الله البجلي قال : إن داود لم يرفع رأسه إلى السماء ، مذ أصاب الخطيئة حتى مات . وذكر في الخبر أن داود كان له تسع وتسعون امرأة ، فتزوج امرأة أوريا على شرط أن يكون ولدها خليفة بعده ، فولد له منها سليمان ، وكان خليفته بعده .