فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَمَّآ أَلۡقَوۡاْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبۡطِلُهُۥٓ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصۡلِحُ عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (81)

{ فما ألقوا } ما ألقوه من ذلك الحبال والعصي { قال } لهم { موسى ما جئتم به } ما موصولة مبتدأ و { السحر } خبره والمعنى أنه سحر لا أنه آية من آيات الله كما سماه فرعون وقومه أو هو من جنس السحر ، يريهم أن حاله بين لا يعبأ به كأنه قال : ما جئتم به مما لا ينبغي أن يجاء به ، وقرئ السحر على الاستفهام فما استفهامية أي شيء جئتم به أهو السحر الذي يعرف حاله كل أحد ولا يتصدى له عاقل وقرئ ما جئتم به سحر ، وقرئ ما أتيتم به سحر ، ودلالتهما على المعنى الثاني في القراءة المشهورة أظهر وأجاز الفراء وغيره نصب السحر بجئتم وما شرطية والجزاء :

{ إن الله سيبطله } على تقدير الفاء أي سيمحقه بالكلية ويهلكه فيصير باطلا بما يظهره على يدي من الآيات والمعجزة فلا يبقى له أثر والسين للتأكيد : { إن الله لا يصلح عمل المفسدين } أي عمل هذا الجنس فيشمل كل من يصدق عليه أنه مفسد ويدخل فيه السحر والسحرة دخولا أوليا ، والجملة تعليل لما قبلها أو عملكم فيكون من باب وضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالإفساد والإشعار بعلة الحكم .