فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي شِيَعِ ٱلۡأَوَّلِينَ} (10)

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ ( 10 ) }

وأيضا في الآية وعيد شديد للمكذبين به المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقيل الضمير في له لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأول أولى بالمقام . قال الخطابي : إنما لم يجمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه وتلاوته ، فلما انقضى نزوله بوفاته صلى الله عليه وآله وسلم ألهم الله تعالى الخلفاء الراشدين ذلك وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة ، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق رضي الله عنه بمشورة عمر رضي الله عنه ، انتهى . ذكره السيوطي في الإتقان ، وقد بسطنا الكلام على جمع القرآن في رسالتنا المسماة بالإكسير في أصول التفسير فليرجع إليه . ثم ذكر سبحانه أن عادة أمثال هؤلاء الكفار مع أنبيائهم كذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } رسلا كائنة { مِن قَبْلِكَ } وحذف المفعول لدلالة الإرسال عليه { فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ } أي في أممهم وأتباعهم وسائر فرقهم وطوائفهم .

قال الفراء : الشيع الأمة التابعة بعضهم بعضا فيما يجمعون عليه ، وأصله من شاعه إذا تبعه ، وهم القوم المجتمعة المتفقة كلمتهم ، وشيعة الرجل أتباعه ، وقيل الشيعة من يتقوى بهم الإنسان .

وفي المصباح : الشيعة الأتباع والأنصار وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ، ثم صارت الشيعة اسما لجماعة مخصوصة والجمع شيع والأشياع جمع الجمع وإضافته إلى الأولين من إضافة الصفة إلى الموصوف عند بعض النحاة أو من حذف المضاف إليه عند آخرين منهم ، أي في شيع الأمم الأولين ، وفي البيضاوي من قبيل إضافة الموصوف لصفته كقوله حق اليقين .