فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

{ ثَانِيَ عِطْفِهِ } حال أي لاوي عنقه ، قال قتادة ، وعن ابن عباس والسدي وابن زيد وابن جريج أنه المعرض والعطف الجانب وعطفا الرجل جانباه من يمين وشمال ، وفي تفسيره وجهان :

الأول : أن المراد به من يلوي عنقه مرحا وكبرا ذكر معناه الزجاج قال : وهذا يوصف به المتكبر ، قال ابن عباس : أي مستكبرا في نفسه ، وقال المبرد : العطف من انثني من العنق .

الوجه الثاني : أن المراد بقوله : { ثَانِيَ عِطْفِهِ } الإعراض أي معرضا عن الذكر كذا قال الفراء والمفضل وغيرهما كقوله تعالى : { ولى مستكبرا كأن لم يسمعها } وقوله : { لووا رؤوسهم } وقوله : { أعرض ونأى بجانبه } وقيل المعنى مانع تعطفه إلى غيره .

{ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } أي ليستمر أو ليزيد ضلاله ، وإن ضلاله كالغرض له لكونه مآله ، قرئ ليضل بفتح الياء وضمها والسبيل هنا الدين ، يعني أن غرضه هو الإضلال عن السبيل وإن لم يعترف بذلك ، وقيل هي لام العاقبة كأنه جعل ضلاله عائدا لجداله { لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } مستأنفة مبينة لما يحصل له بسبب جداله من العقوبة والخزي والذل ، وذلك بما يناله من العقوبة في الدنيا ومن العذاب المعجل ، وسوء الذكر على ألسن الناس ، وقيل الخزي الدنيوي هو القتل كما وقع في يوم بدر .

{ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ } أي عذاب النار المحرقة ،