فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ ءَايَٰتٖ مُّبَيِّنَٰتٖ وَمَثَلٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ} (34)

ولما فرغ سبحانه من بيان تلك الأحكام شرع في وصف القرآن بصفات ثلاث فقال :

{ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ ، وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } فالأولى أنه آيات بينات أي واضحات في أنفسهن تصدقها الكتب المتقدمة والعقول المستقيمة ، أو موضحات ومبينات فيدخل فيها الآيات المذكورة في هذه السورة دخولا أوليا ، والصفة الثانية كونه مثلا من الذين خلوا من قبل هؤلاء . أي خبرا عجيبا كائنا من جهة أمثال الذين مضوا من القصص العجيبة ، والأمثال المضروبة لهم في الكتب السابقة .

فإن العجب من قصة عائشة هو كالعجب من قصة يوسف ومريم ، وما اتهما به ثم تبين بطلانه وبراءتهما سلام الله عليهما ، والصفة الثالثة كونه موعظة ينتفع بها المتقون خاصة ، فإن الله قد ختم على قلوب غيرهم ، وجعل على أبصارهم غشاوة عن سماع المواعظ ، والاعتبار بقصص الذين خلوا ، وفهم ما تشتمل عليه الآيات البينات ،