فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ ءَايَٰتٖ مُّبَيِّنَٰتٖ وَمَثَلٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ} (34)

ولما فرغ سبحانه من بيان تلك الأحكام ، شرع في وصف القرآن بصفات ثلاث : الأولى : أنه { آيَاتٍ مُّبَيِّنَات } أي : واضحات في أنفسهن ، أو موضحات ، فتدخل الآيات المذكورة في هذه الصورة دخولاً أوّلياً . والصفة الثانية : كونه مَثَلاً من الذين خلوا من قبل هؤلاء أي : مثلاً كائناً من جهة أمثال الذين مضوا من القصص العجيبة ، والأمثال المضروبة لهم في الكتب السابقة ، فإن العجب من قصة عائشة رضي الله عنها ، هو كالعجب من قصة يوسف ومريم وما اتهما به ، ثم تبين بطلانه ، وبراءتهما سلام الله عليهما . والصفة الثالثة كونه { مَّوْعِظَةٌ } ينتفع بها المتقون خاصة ، فيقتدون بما فيه من الأوامر ، وينزجرون عما فيه من النواهي . وأما غير المتقين ، فإن الله قد ختم على قلوبهم ، وجعل على أبصارهم غشاوة عن سماع المواعظ ، والاعتبار بقصص الذين خلوا ، وفهم ما تشتمل عليه الآيات البينات .

/خ34