فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ} (2)

{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } أي أنزلناه بسبب الحق ، وإثباته وإظهاره ، أو متلبسين بالحق ، أو متلبسا أو بداعية الحق واقتضائه للإنزال ، والمراد كل ما فيه من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع التكاليف .

قال مقاتل يقول لن ننزله باطلا لغير شيء ، وهذا ليس بتكرار ، لأن الأول كالعنوان للكتاب ، والثاني لبيان ما في الكتاب ، أو المراد بالثاني هو الأول وإظهار لتعظيمه ومزيد الاعتناء بشأنه .

{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها أي ممحضا له الدين من الشرك والرياء والتوحيد ، وتصفية السر . والإخلاص أن يقصد العبد بعمله وجه الله سبحانه ، والدين العبادة والطاعة ، ورأسها توحيد الله ، وأنه لا شريك له .

وفي الآية دليل على وجوب النية وإخلاصها عن الشوائب لأن الإخلاص من الأمور القلبية التي لا تكون إلا بأعمال القلب وقد جاء في السنة الصحيحة أن ملاك الأمر في الأقوال والأفعال النية كما في حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) وحديث ( لا قول ولا عمل إلا بالنية ) .