فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} (56)

{ ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ( 56 ) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ( 57 ) وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ( 58 ) قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ( 59 ) } .

{ ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا } قال ابن عباس : يريد المهاجرين والأنصار ومن يأتي بعدهم { فإن حزب الله } أي أنصار دينه { هم الغالبون } بالحجة والبرهان فإنها مستمرة أبدا لا بالدولة والصولة ، وإلا فقد غلب حزب الله غير مرة حتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله الكرخي .

وعد الله سبحانه من يتولى الله ورسوله والذين آمنوا بأنهم غالبون لعدوهم ، والحزب الصنف من الناس من قولهم حزبه كذا أي نابه ، فكأن المتحزبين مجتمعون كاجتماع أهل النائبة التي تنوب ، وحزب الرجل أصحابه ، والحزب الورد ، وفي الحديث ( فمن فاته حزبه من الليل ) وتحزبوا اجتمعوا ، والأحزاب الطوائف .

وقد وقع ولله الحمد ما وعد الله به أولياءه وأولياء رسله وأولياء عباده المؤمنين من الغلب لعدوهم فإنهم غلبوا اليهود بالسبي والقتل والإجلاء وضرب الجزية حتى صاروا لعنهم الله أذل الطوائف الكفرية وأقلها شوكة ، وما زالوا تحت كلكل المؤمنين يطحنونهم كيف شاءوا يمتهنونهم كما يريدون من بعد البعثة الشريفة المحمدية إلى هذه الغاية .