فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَفَّيۡنَا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم بِعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡإِنجِيلَ فِيهِ هُدٗى وَنُورٞ وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ} (46)

{ وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ( 46 ) وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ( 47 ) }

{ وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم } هذا شروع في بيان حكم الإنجيل بعد بيان حكم التوراة ، أي جعلنا عيسى ابن مريم يقفو آثارهم أي آثار النبيين الذين أسلموا من بني إسرائيل أو آثار من كتب عليهم تلك الأحكام ، والأول أظهر لقوله في موضع آخر .

{ برسلنا } يقال قفيته مثل عقبته إذا اتبعته ، ثم يقال قفيته بفلان وعقبته به فيتعدى إلى الثاني بالباء ، والمفعول الأول محذوف استغناء عنه بالظرف وهو على آثارهم ، لأنه إذا قفى به على أثره فقد قفى به إياه .

{ مصدقا لما بين يديه من التوراة } وهي حال مؤكد قاله ابن عطية { وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور } أي أن الإنجيل أوتيه عيسى حال كونه مشتملا على الهدى من الجهالة والنور من عمى البصيرة .

{ مصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة } أي مصدقا وهاديا وواعظا { للمتقين } وهذا ليس بتكرار للأول لأن في الأول إخبارا بأن عيسى مصدق لما بين يديه من التوراة ، وفي الثاني إخبار بأن الإنجيل مصدق للتوراة فظهر الفرق بينهما ، وإنما خص المتقين بالذكر لأنهم الذين ينتفعون بالمواعظ .