{ فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ( 52 ) ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ( 53 ) } .
{ فترى الذين في قلوبهم مرض } الفاء للسببية والخطاب إما للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له ، أي ما ارتكبوه من الموالاة ووقعوا فيه من الكفر هو بسبب ما في قلوبهم من مرض النفاق والشك في الدين والرؤية إما قلبية أو بصرية .
وقرئ فيرى بالتحتية ، واختلف في فاعله ما هو فقيل هو الله عز وجل وقيل هو كل من يصلح منه الرؤية وقيل الموصول أي فيرى القوم الذين { يسارعون فيهم } أي في مودة اليهود والنصارى وموالاتهم ومناصحتهم ، لأنهم كانوا أهل ثروة ويسار يخالطونهم ويغشونهم لأجل ذلك نزلت في ابن أبي المنافق وأصحابه ، وجعل المسارعة في موالاتهم مسارعة فيهم للمبالغة في بيان رغبتهم في ذلك حتى كأنهم مستقرون فيهم داخلون في عدادهم .
{ يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة } جملة مشتملة على تعليل المسارعة في الموالاة أي أن هذه الخشية هي الحاملة لهم على المسارعة ، والدائرة ما يدور من مكابرة الدهر ودوائره كالدولة التي تزول ، أي يقول المنافقون إنما نخالط اليهود لأنا نخشى أن يدور علينا الدهر بمكروه وهو الهزيمة في الحرب والقحط والجدب والحوادث المخوفة .
قال ابن عباس : نخشى أن لا يتم أمر محمد صلى الله عليه وسلم فيدور علينا الأمر كما كان قبل محمد ، يعني نخشى أن يظفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فتكون الدولة لهم وتبطل دولته فيصيبنا منهم مكروه ، وفرق الراغب بين الدائرة والدولة بأن الدائرة هي الخط المحيط ثم عبر بها عن الحادثة ، وإنما يقال الداءة في المكروه ، والدولة في المحبوب .
{ فعسى الله أن يأتي بالفتح } رد عليهم ودفع لما وقع لهم من الخشية ، وعسى في كلام الله سبحانه وعد صادق لا يتخلف ، والفتح ظهور النبي صلى الله عليه وسلم على الكافرين ، ومنه ما وقع من قتل مقاتلة بني قريظة وسبي ذراريهم وإجلاء بني النضير ، وقيل هو فتح بلاد المشركين على المسلمين وقيل فتح مكة .
{ أو أمر من عنده } هو كل ما تندفع به صولة اليهود ومن معهم وتنكسر به شوكتهم وقيل هو إظهار أمر المنافقين وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما أسروا في أنفسهم ، وأمره بقتلهم ، وقيل هو الجزية التي جعلها الله عليهم وقيل الخصب والسعة للمسلمين .
{ فيصبحوا } أي المنافقون { على ما أسروا في أنفسهم } من النفاق الحامل لهم على الموالاة { نادمين } على ذلك لبطلان الأسباب التي تخيلوها وانكشاف خلافها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.