{ وكذلك } أي مثل هذا الجعل { جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن } هذا الكلام استئناف مسوق لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع ما حصل معه من الحزن بعدم إيمانهم ، والمعنى كما ابتليناك بهؤلاء فقد ابتلينا الأنبياء من قبلك بقوم من الكفار فجعلنا لكل واحد منهم عدوا من كفار زمنهم وأن ذلك ليس مختصا بك ، والمراد بالشياطين المردة من الفريقين ، والشيطان كل عات متمرد من الجن والإنس ، وبه قال ابن عباس ومجاهد وقتادة .
قالوا وشياطين الإنس أشد تمرد من شياطين الجن ، وبه قال مالك بن دينار والإضافة بيانية أو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، والأصل الإنس والجن الشياطين ، قال ابن عباس : إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإنس يضلونهم فيلتقي شيطان الإنس وشيطان الجن فيقول هذا لهذا أضلله بكذا وأضلله بكذا ، وعنه قال الجن هم الجان وليسوا شياطين ، والشياطين ولد إبليس وهم لا يموتون إلا مع إبليس ، والجن يموتون ، فمنهم المؤمن ومنهم الكفار .
وقال ابن سعود : الكهنة هم شياطين الإنس ، وقيل الكل من ولد إبليس وأضيف الشياطين إلى الإنس على معنى أنهم يغوونهم ويضلونهم ، وبهذا قال عكرمة والضحاك والكلبي والسدي .
{ يوحي بعضهم إلى بعض } أي حال كونهم يوسوس بعضهم لبعض ، وقيل : إن الجملة مستأنفة لبيان العدو ، وسمى وحيا لأنه إنما يكون خفية بينهم وجعل تمويههم { زخرف القول } لتزيينهم إياه والمزخرف المزين وزخارف الماء طرائقه ، والزخرف هو الباطل من الكلام الذي قد زين ووشى بالكذب وكل شيء حسن مموه فهو زخرف يغرونهم بذلك { غرورا } هو الباطل .
قال ابن عباس : شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس ، فإن الله يقول { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } ويحسن بعضهم لبعض القول ليتبعوهم في فتنتهم .
وقد أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا ذر تعوذ من شر شياطين الجن والإنس ، قال يا نبي الله وهل للإنس شياطين قال نعم شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) {[714]} .
{ ولو شاء ربك ما فعلوه } الضمير يرجع إلى ما ذكر سابقا من الأمور التي جرت من الكفار في زمنه وزمن الأنبياء قبله أي لو شاء ربك عدم وقوع ما تقدم ذكره ما فعلوه وأوقعوه ، وقيل ما فعلوا الإيحاء المدلول عليه بالفعل { فذرهم } أي دع الكفار واتركهم ، وهذا الأمر للتهديد كقوله ذرني ومن خلقت وحيدا .
{ وما يفترون } إن كانت ( ما ) مصدرية فالتقدير اتركهم وإفتراءهم وإن كانت موصولة فالتقدير اتركهم والذي يفترونه ، وهذا قبل الأمر بالقتال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.